السبت، 11 يونيو 2016

الجاحظ و النقاد

: لإنى ربما ألفت الكتاب المحكم المتقن فى الدين و الفقه و الرسائل و السيرة و الخطب و الخراج و الأحكام و سائر فنون الحكمة و أنسبهالى نفسى، فيتواطأ على الطعن فيه جماعة من أهل العلم بالحمد المركب فيهم ، و هم يعرفون براعته و نصاحته . ...
و اذا كان السيد المؤلف فيه الكتاب نحريرا نقابا و نقريسا بليغا و حاذقا فطنا و أعجزتهم الحيلة، سرقوا معانى ذلك الكتاب ، و ألفوا من أعراضه و حواشيه كتابا ة أهدوه الى ملك أخر ، و متوا إليه به ، وهم قد ذموه و ثلبوه لما رأوه منسوبا إلى و موسوما بى.
و ربما ألفت الكتاب الذى هو دونه فى معانيه و ألفاظه فأترجمه باسم غيرى ، و أحيله على من تقدمنى عصره مثل ابن المقفع و الخليل و سلم صاحب الحكمة و يحيى بن خالد و العتابى ،و من أشبه هؤلاء من مؤلفى الكتب ، فيأتينى أولئك القوم بأعيانهم ، الطاعنون على الكتاب الذى كان أحكم من هذا الكتاب ، لاستنساخ هذا الكتاب و قراءته علي و يكتبونه بخطوطهم و يصيرونه إماما  يقتدون به و يتدارسونه بينهم و يتأدبون به و يستعملون ألفاظه و معانيه فى كتبهم و خطباتهم و يروونه عنى لغيرهم من طلاب ذلك الجنس فتثبت لهم به رياسة يأتم بهم قوم فيه لأنه لم يترجم باسمى و لم ينسب الى تأليفى.

الجاحظ صـ 49
الأب حنا الفاخورى
دار المعارف

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية