الجمعة، 3 سبتمبر 2010

القمح المصرى بين السياسة و التجارة


إنفجرت أزمة القمح فى مصر...و كان التساؤل لماذا لا نكتفى ذاتيا من القمح فكانت الإجابة على لسان الحكومة المصرية ان الإكتفاء الذاتى مستحيل و غير مجدى إقتصاديا و انه لا خوف من الإعتماد على الإستيراد ففى النهاية الموضوع موضوع تجارة لا أكثر و الحكومة تملك القدرة على الإستيراد من دول مختلفة ( برغم أننا دولة مثقلة بالديون ) .. ثم فجر بعض الصحفيين القضية بشكل مختلف حيث أوضحوا كيف أن الحكومات المصرية تعمل ضد الإكتفاء الذاتى من القمح وإلى أن فجرت الكاتبة سكينة فؤاد من خلال برنامج مانشيت على قناة أون تى فى الجريمة الكبرى و المتمثلة فى إجهاض مشروع يهدف إلى تحقيق الإكتفاء الذاتى من القمح بعد ان كاد المشروع ان يتحقق على يد علماء مصريين من وزارة الزراعة و كان ذلك فى حوالى العام 1996 ...

هل التوجه الحكومى صدفة ؟؟

فى كتاب الإنفجار للكاتب محمد حسنين هيكل و الذى يروى فييه وقائع حرب 1967 فصل كامل بعنوان معركة القمح

ورد فى ذلك الفصل ما يأتى نقلا عن وثيقة أمريكية هى محضر إجتماع بتاريخ 11 مايو 1965 بين وزير الخارجية الأمريكى دين راسك و بين زعماء المجموعات البرلمانية فى مجلس النواب .. و من خلال المحضر تتضح الخطوط الرئيسية التالية

1 – إن المساعدات الغذائية تتم و ضمن أهدلفها خلق "حالة إعتياد " تتحول بالتدريج إلى " حالة إعتماد "

2- عندما تظهر بوادر حالة الإعتماد تقوم السياسة الأمريكية عن طريق الإيحاء بالإشارة إلى رغبات لها يزداد تكرارها مناسبة بعد مناسبة

3- إذا لم يحقق إسلوب الإيحاء هدفه فإن الإيحاء بتكرار الإلحاح و بالطلب الصريح يتحول إلى ضغط

4- إذا لم يتوصل الضغط إلى بلوغ مقاصده فإن الضغط يتحول إلى شرط مسبق يرى من حقه إملاء إرادته و إلا حل اتلعقاب إبتدلء من التوقف عن التوريد إلى التوقف عن التوقيع .


كان القمح فى ذلك الفصل سلاح فى معركة أرادت من خلالها الولايات المتحدة فرض إرادتها على مصر .

إن الإعتماد على الإستيراد فى السلع الإستراتيجية ليس مجرد شأن تجارى و لكنه يرتبط إرتباطا وثيقا بالسياسة


المرجع

الإنفجار محمد حسنين هيكل ص 178

الثلاثاء، 16 مارس 2010

اللى يحب ربنا يضرب . اللى يحب النبى يضرب . اللى يحب الحسين يضرب .. اللى يحب الشعب يضرب .. اللى يحب مصر يضرب

إستدرج الملاحق السياسى المخبر إلى مولد الحسين و أعلن على الملأ أن هناك مخبر يتبعه ثم كان هذا الحوار ..
"المخبر : يا معلم أنا غلبان ... أكل عيش
- : إبحث لك عن شغلة نظيفة ... أوسخها شغلة أشرف من شغلتك .. سرح نسوان .. بيع مخدرات .. لكن أذية الجدعان لأ ..
- : يا معلم .. دول كفرة .. دا رافضى و إبن رافضى
- : برضه بيقول لى ربنا .. إنت هاتستغفلنى ؟؟ هاتسرح بى ؟ طب و دينى و ما أعبد ما أنا سايبك إلا بضرب المركوب ... يا جدعان .. يا رجالة .. إقلع يا جدع انت و هو اللامؤاخذة . اللى يحب ربنا يضرب . اللى يحب النبى يضرب . اللى يحب الحسين يضرب .. كرامة لك يا سيدى يا حسين يا ميت مظلوم فى بلاد الغربة .. كرامة للحسين اضربوا .. اضربوا المفترى ابن المفترى بالمركوب يا سيد . ايدك لا .. ماتوسخهاش .. بالمركوب ....
....
......
- : مش مهم اضرب .. اللى يحب الحسين يضرب .. كرامة لك يا سيدى يا حسين يا ميت مظلوم فى بلاد الغربة .. اللى يحب الشعب يضرب .. اللى يحب مصر يضرب .

من قصة الغربة فى شارع كثيف الزحام 1970
من المجموعة القصصية بيان مشترك ضد الزمن
صلاح عيسى
دار سينا للنشر الطبعة الأولى 1992





الجمعة، 26 فبراير 2010

العرب و إسرائيل و طاولة المفاوضات




فى تاريخ العلاقة بين العرب و إسرائيل أصبح من المسلمات ان العرب رفضوا كل محاولات التسوية السلمية ( مع تحفظى على الكلمة ) و كانوا شديدى التعنت تجاه توجهات السادات فى مرحلة ما بعد الحرب و حتى تم توقيع معاهدة السلام بين مصر و إسرائيل ..


و لكن هل هذه المسلمة صحيحة و الأخذ بها كما هى أمر محتوم ؟؟؟


فى أحد احاديث هيكل و التى تم كتابتها فى الفترة ما بين 1976 و 1977 أى قبل معاهدة السلام و قبل زيارة السادات للقدس


و التى تم نشرها فى كتاب الحل و الحرب سنجد الأتى


" قبل سنوات : كان المطلب إسرائيل الأساسى هو مجرد الجلوس مع العرب وجها لوجه على مائدة المفاوضات , و كان العرب يرفضون و وجهة نظرهم " أنهم لا يجلسون إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل إلا إذا عرفوا مقدما ماذا عندها , و ما هو إستعدادها للإنسحاب من اراضيهم المحتلة " و الأن ( و الكلام مكتوب عام 1977 على الأكثر ) فإن مطلب العرب الأساسى هو الجلوس مع إسرائيل وجها لوجه على مائدة المفاوضات فى جنيف , و إسرائيل هى التى تتمنع و وجهة نظرها أنها لا تجلس إلى المفاوضات مباشرة مع العرب إلا إذا عرفت مقدما ماذا عندهم و ما هو إستعدادهم بالنسبة للمطلوب منهم من ضمانات السلام "




ثم يضيف هيكل فى فقرة لاحقة




" و تطورت الحوادث بشكل يثير القلق . زاد إلحاحنا على "الشكل" .. مجرد إنعقاد مؤتمر جنيف


و أدرك الأخرون مدى العجلة و اللهفة فى إلحاحنا فبدأوا يطلبون منا مقدما دفع الثمن فى " الموضوع "




و كذلك يضيف هيكل فى مقاله




" كان النقاش بين إسرائيل و الولايات المتحدة :


إسرائيل تقول - ما هو وجه العجلة فى الذهاب إلى جنيف .. إن الأوضاع العربية العامة سوف تزداد ضعفا و لا تزداد قوة مع مرور الأيام و ذلك سوف يظهر تأثيره دون شك على الموقف التفاوضى العربى "


و ترد الولايات المتحدة على إسرائيل :


الفرصة الأن مناسبة و الظروف متاحة ... و صحيح أن الأوضاع العربية العامة قد تزداد ضعفا , و لكن احتمالات الخطر تلوح وراء هذا الضعف المتزايد .. فقد تحدث مفاجآت ليست فى الحسبان . "




الأسئلة ..


1 ماذا حدث و جعل العرب يرفضون توجهات السادات للسلام فيما بعد ؟


2 لماذا يتم التركيز تاريخيا على إضاعة العرب للفرصة التى حققها السادات و لا يتم ذكر باقى القصة ؟


3 كيف تنبأت إسرائيل بتدهور المستقبل العربى و تم نشر ذلك فى كتاب هيكل على لأقل إن لم نضع فى الحسبان مقالات مفكرين أخرين كثر و لم ينتبه لهذا التدهور أحد ؟؟ و يقاومه


بالطبع لم يكن التنبؤ الإسرائيلى قراءة للطالع فعلى الأقل كان توجه العرب للحضن الأمريكى و طردهم للحليف السوفيتى فى ذلك الوقت إشارة لما يمكن أن يحدث و علامة على ترك العرب لمصائرهم فى أيدى عدوهم ..






المرجع


كتاب الحل و الحرب محمد حسنين هيكل الطبعة الرابعة


الناشر شركة المطبوعات للتوزيع و النشر بيروت - لبنان


السبت، 6 فبراير 2010

أمريكا و اللعب بالبيضة و الحجر





من خلال تقرير للجنة بايك المقدم للكونجرس الأمريكى فى 19 يناير عام 1976 و التى كانت تحقق فى النشاط السرى للمخابرات الأمريكية يروى محمد حسنين هيكل القصة التالية :
عام 1971 إتصل الملا مصطفى البرزانى قائد الحركة الكردية وقتها بقائد محطة المخابرات الأمريكية بإيران ( وقت حكم الشاه ) طالبا معونة أمريكية تساعده فى حربه ضد الحكومة العراقية ..
و من الواضح أنه قد تم تجاهل الطلب الكردى
فى مايو 1972 أعاد شاه إيران فتح الموضوع مع الرئيس الأمريكى نيكسون قائلا انه وعد الملا مصطفى بان الولايات المتحدة سوف تساعده ..
فى أول يونية 1972 أصدرت الحكومة العراقية قرارها بتأميم البترول العراقى
فى 16 يونية 1972 و فى إجتماع خاص بين الرئيس نيكسون و كسينجر تقرر إعتماد 16 مليون دولار لتغطية نفقات الشحنة الأولى من الأسلحة الأمريكية للأكراد

( قالت لجنة بايك أن الأدلة التى تجمعت لهم توحى بأن القرار أتخذ كمجاملة للحليف الإيرانى و الذى يكن للعراق عداء تقليديا و لم يكن الهدف منه مساعد الأكراد على تحقيق نصر يمكن لهم الحصول و لو على حكم ذاتى فقد كان من شأن ذلك أن يؤثر على أكراد إيران و يسبب مشاكل للشاه و بالتالى كان المطلوب ضبط المساعدات عند مستوى معين يستطيع إستنزاف قوة الجيش العراقى و إنهاك أسلحته و قيادته و أفراده )
و بالطبع إستنزاف ثروته التى قد تعود له بعد تأميم البترول العراقى
فى أكتوبر 1973 إتصلت إسرائيل بمصطفى البرزانى لتحفزه على القيام بهجوم شامل شمال العراق مستغلا إشتراك بعض القوات من الجيش العراقى فى حرب أكتوبر بسوريا
فبعث كسينجر برسالة إلى الملا مصطفى البرزانى ينصحه فيها بعدم إستغلال الفرصة و يدعى بأن السبب فى تلك النصيحة أن ذلك الهجوم لو تم قد يعقد المشكلة الكردية ..
و كان السبب الحقيقى فى رأى كسينجر أن الملا مصطفى قد ينجح بأكثر مما هو مناسب لمصالحنا !!

فى فبراير 1974 تقرر إعتماد 25 مليون دولار لشراء أسلحة من بلد شيوعى عن طريق طرف ثالث لكى ترسل إلى الأكراد .. فقد رأى كسينجر أن نشاط الأكراد ضد الحكومة العراقية سيساعد على تخفيف المعارضة العراقية لإتفاقية فك الإشتباك بين سوريا و مصر و إسرائيل
فى مارس 1975 توصلت إيران و العراق إلى إتفاق من شأنه أن توقف إيران مساعداتها لأكراد العراق
و قد سجلت لجنة بايك فى تقريرها قول لهنرى كسينجر يقول فيه " إننا سوف نتخلى عن الأكراد لكى نمكن العراقيين من أن يتفرغوا للسوريين , لأن السوريين يرفضون الدخول فى مفاوضات من اجل مرحلة ثانية من فض الإشتباك "
يقول تقرير لجنة بايك " لقد كانت سياستنا غير أخلاقية إزاء الأكراد فلا نحن ساعدناهم و لا نحن تركناهم يحلون مشاكلهم بالمفاوضات مع الحكومة العراقية ... لقد حرضناهم ثم تخلينا عنهم "
و بعد إنتهاء الحرب الكردية العراقية كانت الأسلحة الشيوعية لا تزال تحت تصرف المخابرات الأمريكية فتقرر عام 1976 إرسالها إلى لبنان أثناء الحرب الأهلية !!!

المرجع
الحل و الحرب محمد حسنين هيكل الطبعة الرابعة 1984 الناشر شركة المطبوعات للتوزيع و النشر بيروت

الجمعة، 1 يناير 2010

إسرائيل ... كيف تتمنى أن يكون حال مصر ؟


من كتاب محمد حسنين هيكل عند مفترق الطرق ... " حرب أكتوبر ماذا حدث فيها و ماذا حدث بعدها "
و الذى يضم سلسلة مقالات هيكل منذ 5 أكتوبر 1973 و حتى 18 يناير 1974
يقول هيكل :
و هذه محصلة أخيرة لاسترتيجية إسرائيل : أن يتم عزل مصر بالكامل لتنكفئ على نفسها تلعق جراحها و تجتر مشاكلها و تمد يدها فى طلب العطف و الإحسان !
أوليست هذه هى إستراتيجية إسرائيل من البداية إلى النهاية ؟!
هى إستراتيجية إسرائيل لم تتغير و إن كانت الأن فى صياغة جديدة ...
و لكن مصر العظيمة يقظى و هى واعية بمغزى الحكمة المأثورة التى تقول :
إذا كنت لا تعرف لنفسك هدفا فإن أى طريق يستطيع أن يصل بك إلى هناك ... وإذا كنت تعرف لنفسك هدفا فلابد لك من طريق محدد..

11 يناير 1974


يبدو ان إسرائيل حققت إستراتيجيتها فى حين ضلت مصر الطريق :(
إن قراءة المستقبل ليست مستحيلة ... و العديد من المفكرين شرحوا كيف ستكون نهاية الطريق .. إذن لماذا ؟؟؟

بحث هذه المدونة الإلكترونية