الخميس، 27 يونيو 2013

حوار جريدة التايمز مع الخديو توفيق \ هل كانت مصر مستقلة ؟!!!

نعلم ان الإحتلال البريطانى  لمصر  تم  عام  1882 .. و نعلم  انه بسبب  ديون الخديو  اسماعيل  كانت  مصر  تعانى  من التدخل  الأجنبى  و لكن  الى  اى  حد  كان  هذا التدخل  ؟

 و السؤال الأهم  الأن  لمن  يعتقدون  فى  اهمية الخلافة العثمانية ..  ماذا  كان  جور الخلافة العثمانية  فى  اى  من المشاكل التى  تعرضت  لها  مصر  سواء  مشاكل  أقتصادية  حرصت  خلالها  الخلافة  على  ان  تحصل  على  جزيتها  غير  عابئة بأى  أعباء  تتعرض  لها  مصر  و  بدون  تقديم  اية  خدمات  للدولة  المصرية  .. او  خلال  احتلالين  الفرنسى  و الإنجليزى  والتى  لم  تبذل  الخلافة العثمانية  أى  جهد  لحماية  مصر  الخاضعة  لها  من الوقوع  فى  اسرهم .
هذا  جزء  من  حوار  تم  بين  جريدة التايمز البريطانية و الخديو  توفيق  عام  1879 

" قال المكاتب  - تشرفت  بمقابلة  الجناب  الخديو  فذكرته فى  أحوال مصر  الحاضرة .
فقال  لى  أولا ،  انه  لا  يبرح  مقيد اليد  عن العمل حتى  يرد الفرمان(  فرمان  الخليفة العثمانى بإسناد  الخديوية  إليه  )  ثم  قال  أما الوزارة  الحالية  ( وزارة شريف  باشا  )  فليست  بردسيئة .  بل  هى  مؤلفة من أحسن  من  لدى  من  الرجال ،  الا  انه يقال  لى  انه لابد  من  فصل  شريف  باشا  . و  هو  أمر  يسير  قول  و لكن  أين  أجد  وزارة جديدة  ؟
قال المكاتب  فذكرت  له  أسم  نوبار  باشا  فأجاب  كلا  .  فإنى  و إن  اسفت  على  ما  كتبت  اليه بالتلغراف  (  كان  قد  كتب  اليه  ليأمره بالبقاء  فى أوربا  إلى  حين صدور  أوامر أخرى ) و إن  ابطلت  تلك الكتابة  إلا  انى  لا  ارى  من  الملائم  أن  يعود حالا  بل أرى  (  مراعاة  لمجرد  الملائمة السياسية  )  أن  يبقى  الأن بعيدا  . و  أما  رياض  باشا  فهو  صديقى . بل  صديقى العزيز  و قد  إشتغلت  معه  مدة  طويلة  فلا  مانع  من  رجوعه  متى  شاء  و لكنه الان  غائب فمن  ترى  غيرهما  صالحا  للرئاسة  ؟ .  و لا  ينبغى  ان  ننسى  ان  شريف  و  نوبار  يتناقلانها  منذ  أعوام و  ان الفتيان من  رجالنا  ليس  لهم  اختبار  و  ان الإختبار  ضرورى  . فلو  امكن الصبر  عشرة  أعوام  اما  كان الأمر  كذلك  فإن  فينا  كثيرا  من الفتيان ذوى الأهلية و لكن  لابد  لهم  من الإختبار  . و  اما الوزراء الأوربيون  فلا  يصح  الرجوع  إلى  مسألتهم  ، فان  فى  إعادتهم  خطأ  جسيما.  و لقد  اشتغلت مدة  مع  وزارة  ويلسون   و  دى بلينبار  و  كان  لى  معهما علائق  ودادية  وقد  علما  انى لم  أخدعهما بل  سلكت  مسلك  الأمانة على  انهما لا  ينكران  انى  انذرتهما أول  الأمر  ان المسلك  الذى  يرومان سلوكه  يؤدى الى  الخطأ  و إن  ذلك الخطأ  ، لا يكون الأخير  فكان  ذلك  أمرا  مفعولا  .  و بناء  عليه  فلا  فائدة فى  الوزارة  الأوربية  و لكن فلتثق  بى الدول قليلا  و  تمهلنى  مدة  ما  . فإذا  لم  أنجح  و  اذا  لم  تصلح  الأحوال  بعد  بضعة أعوام و لك  يكن الفلاح راضيا و البلاد  ناجحة  فلترسل  الوزراء  أو  ما شاءت  من  مثل  ذلك  أما  الأن  فنحن فى  مقام  الامتحان فلا  يحسن  بأوربا  أن  تمسك  على  و  على  مصر  طرق النجاح ...

المصدر 

مذكرات الزعيم  أحمد  عرابى
كشف الستار عن الأسرار  فى النهضة  المصرية  المشهورة بالثورة العرابية  
دراسة و  تحقيق  
د.  عبد المنعم  أبراهيم الجميعى  
دار  الكتب  و  الوثائق القومية 

الأربعاء، 5 يونيو 2013

نبوءة قديمة بالثورات العربية و زمن الفوضى

قيمة  ما   قاله  هيكل  فى  تلك المحاضرة يكمن فى  انه  قيل فى  محاضرة و صدر  بعدها فى  كتيب  صغير  عام 1995 أى  منذ  حوالى 18عاما  .. فى  وقت  لم  يكن  يتخيل فيه أحد  انه من  الممكن  زحزحة أى  حاكم  عربى  تحت  ضغط  الشعوب. كان الناس  يتخيلون  وقتها  ان  الحكام العرب  قدر  لا  سبيل لتغييره  و ان  الأجهزة الأمنية  أقوى  من أية  إرادة .
الكتيب  كان فى الأصل  محاضرة  ألقاها  هيكل  فى  باريس  عام  فى  7  ديسمبر  عام 1995.
يبدأ هيكل فيشرح إنسداد الأفق فى المستقبل العربى و بعد حديث طويل عن الأزمة العربية ( وقتها ) يسأل :
" هل يمكن أن يجئ الحل من التطور الطبيعى للأوضاع الراهنة فى أى بلد عربى ؟
- و أكاد أقول ان ذلك فوق ما تحتمله الحقائق ، بل انه من الصعب على أن أرى مستقبلا يولد من الواقع العربى الراهن أو ينشأ على اتصال به. و لولا اننى ادرك انه لا يمكن للمستقبل ان يولد أو ينشأ فى حالة قطيعة مع الحاضر ، لقلت إن هذه القطيعة مع الحاضر شرط ضرورى لسلامة و صحة أى مستقبل . لكن ذلك مستحيل من ناحية عملية و حتى من ناحية فلسفية .
فالواضح أننا فى معظم بلدان العالم العربى أمام نظم أضاعت سندها الشرعى و لم تعثر على مشروعاتها المستقبلية . و قصارى ما فعلته معظم هذه النظم - و ما زالت تفعله بظن مجاراة العصر - قيامها بخصخصة بعض الشركات فى مقابل تأميم كل السلطات.
و تزداد صعوبة المشكلة عندما نجد انه لا يوجد أمام أى نظام عربى داخل وطنه منافس له مشروعه البديل . سواء كان ذلك المنافس حزبا أو جماعة أو تنظيما من اى نوع . و الأصعب انه لم تظهر حتى الأن فى اى مجتمع عربى فكرة لها جاذبية النفاذ الى الناس و الربط بينهم بجامع مشترك و لو فى الفكر. "

ينطلق هيكل بعد ذلك فى محاولة تخيل حلول لتلك الأزمة و لكنه ينتهى الى ان كل تلك الأفكار غير صالحة . فينتقل الى سيناريوهات الغرب و اسرائيل للمنطقة العربية و يطرح تصوراتهم ما بين التقسيم و التجميع .
فيقول فى هذا السياق
" و داخل حصار هذه الدائرة المقفلة و مناخها المعبأ بالإحباط ، تنتظر التصورات الإسرائيلية ان يزداد الإحتكاك بين المجتمعات العربية و السلطات الحاكمة فيها , و بين الفقراء و الأغنياء, مما يترتب عليه صعود فى قوة التيارات المتمردة ، سواء بالأصولية الدينية أو بالمستحقات الإجتماعية أو غيرها من مولدات الرفض ." 

ثم يصل الى مصر فيشرح ان المطلوب من مصر
1 - ان تنكفئ على مشاكلها الداخلية و الا تلتفت الى اى شئ خارج حدودها . أى نحجيم دورها
2- ان تتحول الى ورشة للعمالة الرخيصة
3- ان يستفاد منها كسوق كبير

و فى نهاية المحاضرة يصل هيكل الى محظورين .
"أولهما محظور ضياع الفرصة و الإستسلام لعملية النحر و تآكل لا يعرف أحد إلى أين تصل ؟
و الثانى  محظور الإندفاع الى الفوضى الشاملة و لفترة قد تطول حتى  تبرز فى  الداخل  قوة  تقدر  على  ضبط الأمور  أو  تجئ  من الخارج  قوة تتولى  هذه المهمة ."


المصدر
أزمة العرب  و مستقبلهم
محمد  حسنين  هيكل
دار الشروق
الطبعة الثالثة
نوفمبر 1997

الأحد، 2 يونيو 2013

مظاهرة عسكرية ضد الجوع

فى مذكرات  عرابى  يروى لنا  قصة  إنتفاضة  عسكرية  .. هل  كانت  الأولى  بعد  تكوين الجيش  النظامى المصرى  ؟  لا  اعلم  ..
الخديو  اسماعيل باشا
بإختصار  يروى  عرابى لنا انه فى  عام  1879م  و فى  أوائل عام 1296 هـ  ،صدر  له الأمر  بالعودة  من  رشيد  و تسليم الأسلحة و المهمات  و  صرف العساكر  الى بلادهم  .  و  كانوا  ثلاثة  الايات  بيادة  فسلموا  مهماتهم . و فى  صباح اليوم التالى  ذهب الى  منزل  محمد بك النادى  ( قائد  أحد الالايات العائدة من  رشيد  )  فأتى  لهم  أحد  ضباط الألاي   يوزباشى  أحمد افندى  نجم  و أخبرهم  ان  تلامذة  الحربية و بعض  الضباط  قد  أحاطوا  بوزارة  المالية  فجاءت عساكر  برنجى  ألاى  و أطلقت  عليهم النار  فأرسلوا احد الضباط  ليتأكد  مما قيل  فعاد و  قد أكد  لهم ما  حدث !!
يعود  عرابى  فيفسر لنا  ما  حدث  بأن الخديو  إسماعيل  باشا  قد  قلق  من  ضغوط  الوزارة المختلطة عليه  .  و  كانت تلك الوزارة تضم  فى  عضويتها نوبار  باشا  رئيسا  لها  و  عضوية  على  مبارك  و السير  ويلسون  الإنجليزى  و  دى بلينير الفرنسى  و أخرين  .. فأراد  ان  يتخلص منها  فأوعز  الى  جاهين  باشا  كنج  (  و  هو  من أصل  كردى  و  زوج  أبنة  الخديو  إسماعيل  )  ان يدير  هذه الحركة الصبيانية  (  كما يراها عرابى )  فأوعز  بدوره إلى  صهره  لطيف بك سليم الضابط بالمدرسة الحربية  بأن  يأخذ  التلامذه و  من يتيسر له  من الموافقون على  هذه الحركة و يذهبوا الى المالية  و يصيحون و يتظاهرون بالتظلم  من  عدم  صرف  مرتباتهم  المتأخرة من  عشرة أشهر  و  ينسبون هذا التأخير الى  الوزارة  و يطالبوا بسقوطها  ، كل  هذا  للتخلص  من الأوربيين  الذين  كثر  استخدامهم  فى  مصالح الحكومة المهمة  ذات الإيراد العظيم  كالجمارك  و  ميناء الإسكندرية و السكة الحديد  و التلغرافات  و الدايرة السنية  و  مصلحة الدومين و صندوق الدين و  مصلحة المساحة  و  ما شاكل ذلك  ... فجاء  لطيف  بك  و من م عه  من الضباط  الذين  اضاع  صوابهم الفقر  و الجوع الى المالية  و صاحوا قائلين اصرفوا لنا  حقوقنا  من  هذه الأموال المتراكمة فى  خزينة  المالية ، و بعضهم  صفع  ويلسون  و  نوبار  و بعضهم  حقر  رياض  و  على  مبارك .
الخديو توفيق  باشا
فأتى الخديو الى  المالية  و  حضر اميرالاى الحرس الخديوى  على  بك فهمى  و  معه  اورطة و  حال بين المالية و المتظاهرين  .. ولما رأى الخديو  اسماعيل  رئيس  معاونيه  عبد القادر  باشا حلمى مضروبا  بسيف على  يده من احد الضباط ، امر الخديو بضرب الرصاص على الضباط و التلاميذ المتظاهرين     . و لكن الأميرالاى  على بك  فهمى  أظهر حزما  و نظر فى عواقب الأمور  فأمر العساكر باطلاق اسلحتهم فى الفضاء  و لولا  ذلك  لكانتالنتيجة وبالا على الخديوى لكونه أمر  بقتل اناس  يطلبون  حقا لهم  مهضوما فإنصر المتظاهرون و رجعوا الى محلاتهم و كلهم  متأففون ..
فهاج الضباط فى  جميع الالايات  و تشاوروا  فيما بينهم  و صرحوا بوجوب  عزل  هذا الخديوى و اعتلاء  ولى  عهده  توفيق  باشا فوق  مسند الخديوية المصرية  . فلما  علم  الخديوى بذلك  ذهب الى  مركز كل الاى  على  حدة و طيب  خواطر الضباط و  وعدهم  بصرف  حقوقهم  المتأخرة و  عزل الوزارة المذكورة  و  عهد بالرئاسة الى  محمد توفيق بعد  ان  عارضت انجلترا و  فرنسا  رغبة  اسماعيل فى  ان  يتولى الوزارة بنفسه .

كان  هذا  ما رواه  عرابى فى  مذكراته  بتصرف فى النص  لكى تكون القصة  أكثر  سلاسة و بتصحيح بعض الوقائع  المؤكدة و التى  صححها  محقق  المذكرات  د. عبد المنعم إبراهيم الجميعى

الملفت فى هذا النص  ما يلى
أن  عرابى على  مدار  النص  لا ينكر  ابدا  تأخر  حقوق  الضباط  و الطلبة الحربية بل  و يعبر  عن  حجم  معاناتهم  و فى النهاية  يدين  رغبة الخديوى فى  قتل  مظلومين يطالبون  بحقهم  !!
نوبار  باشا  رئيس الوزراء 
و لكنه فى  بداية النص  نراه يصف  تلك المظاهرة بحركة  صبيانية لما  يعتقده بأنها  تمت  بإيعاز  من الخديوى  للتخلص  من الحكومة .. فهل  كان  رأيه فى  انها  مجرد  مؤامرة  من الخد
ما  نلاحظه هو  شعور  المصريين بالغضب  من  تغلغل  الوجود الأجنبى  فى  ادارة الحياة المصرية  و  على  حساب المصريين و  استـئـثـارهم بخير البلاد.
كما  اننا  نلاحظ فى النهاية  حجم  تدخل  فرنسا  و انجلترا  فى  الشأن المصرى و  ان رأيهم فيمن  يجب  ان يتولى الوزارة أو  لا  لا  يمكن تجاهله.
كذلك  فمن الملفت  هو  ورود فكرة عزل الخديو  لدى الضباط  ..  و  هنا يجب  أن نسأل  كيف  بدأت فكرة  عزل الحاكم  فى الورود الى  العقلية المصرية ؟  لقت  تحققت بالفعل  قبل تولى  محمد  على ولاية البلاد  .. فهل  كانت لاتزال  باقية  فى  ذهن المصريين  ؟
كما  انه  من الواضح  خوف  الخديو  اسماعيل من  تحقق  تلك الفكرة  مما يعنى انه  كان  يعمل  حسابا  لقوة الجيش  و  ضباطه  .


يوى  صحيحا  ؟  اعتقد  ان  اسلوب  سرد احمد عرابى  بداية  من  تعاطفه و  تفهمه  لمطالب  الضباط  و انتهاء  بأمر  الخديو  بإطلاق  الرصاص  على الضباط  .. فهل  كان  مجرد  امر يعلم الخجيوى انه لن  ينفذ  لأنه المدبر الأصلى  لما يحدث أم انه فعلا  لا  علاقة له  بتلك المظاهرة  و  انه  كان  يرغب فعلا فى  عقاب  المتظاهرين  ؟ لما  حدث  ينفى  كونها  مؤامرة  .

المصدر 
مذكرات الزعيم  أحمد  عرابى
كشف الستار عن الأسرار  فى النهضة  المصرية  المشهورة بالثورة العرابية  
دراسة و  تحقيق  
د.  عبد المنعم  أبراهيم الجميعى  
دار  الكتب  و  الوثائق القومية 

بحث هذه المدونة الإلكترونية