الأحد، 1 ديسمبر 2013

خيانات أخرى من القادة و الخديو للشعب المصرى

من مذكرات  عرابى  باب  بعنوان  فى  كرم  المصريين  و  سخائهم يقول  عرابى فيه
" قامت  هذه الحرب  الشعواء و ليس  فى  خزائن الحكومة  درهم  و لا  دينار  لأن  المراقب الإنكليزى مستر  كولفن  أخذ  الأموال  الموجودة فى  خزينة المالية  و  أنزلها  فى الدوننمة  الإنكليزية  قبل إعلان الحرب  بأيام  و  كذلك  الأموال  الموجودة فى  صندوق  الخزينة العمومى  حملها  اعضاء قومسيون  الصندوق  الى المراكب  الحربية  حيث امنوا  عليها .
و فى  15  يوليو  سنة 1882  وردت  اشارة  تلغرافية  من رئيس  مخبز القبارى  بأنه  موجود بالمخبز ثلاثمائة أقة  بقسماط و يخشى  من  ان  العساكر  الإنكليز  يأخذونها  فاخترت  لاستحضار  ذلك  القائمقام  محمد بك نسيم  لما  رأيته فيه من الغيرة الوطنية  و أمرته  أن يأخذ  وابور بعربات فوارغ  لشحن البقسماط  الموجود بمخبز القبارى   او  حضوره الى  كفر الدوار  ، فصدع بالأمر  و أخذ الوابور  و  توجه  الى القبارى  باسكندرية  و لكن  ياللأسف خاب  ظنى فيه  فانه  بوصوله  الى اسكندرية  ترك القطار  و  توجه  الى  رأس  التين  و أخبر الخديو  بما  فعل  فأمر  الخديو  بحجز القطار  و صرف البقسماط  الى الجيش  الإنكليزى  و  منعه  عن  عساكرنا  و  كان ذلك الشاب  الممتلئ  غيرة و  نشاطا  محمد بك  نسيم  أول  من  ترك  الجيش  و انحاز  الى  جانب  الخائنين لوطنهم .  و  اقتدى بعمله هذا القائمقام اركان  حرب  محمد بك  لبيب و البكباشى عبد  الرازق  نظمى الذى  قتل بعد  ذلك  فى  حرب  الدراويش  بسواكن .



المصدر  
مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص604

الأحد، 10 نوفمبر 2013

بيان من الخديو توفيق

نجح الإنجليز فى الإستيلاء على الإسكندرية  فتقهقر  عرابى و  أعاد  تجميع الصفوف  و  نجح فى  الحاق  هزائم  عدة بالإنجليز و  أصبحت  مهمتهم  عسيرة  .
و لما  وجدت القوى الوطنية  ان الخديو  ينحاز  الى  جانب  الإنجليز  أصدرت  بيان  بتوقيف الخديو و  عدم العمل  بأوامره  كما  ذكرنا فى  رسالة  سابقة  ..فأصدر الخديو  بدوره  هذا البيان  بينما المعارك  دائرة  بين  الجيش المصرى  و القوات الإنجليزية  على الأرض  المصرية  .فى  23  رمضان سنة  1299  الموافق  8  أغسطس  سنة 1882
"  نحن  خديو  مصر  نعلن لجميع المصريين أن  عرابى باشا  قد  أرتكب  آثاما  فظيعة جلبت  على  مصر  و أهلها  خسارة لا  وصف  لها و  جعلت الدول  الأوربية ناقمة  عليها فإنها  باتت الأن  تعتبر المصريين  أمة غير  متمدنة فهذه الآثام و الجرائم منحصرة فى  عصيان عرابى  المذكور  و  تحريضه للقوم  على السير  تحت  لواء  العصيان و فى الدسائس  التى  نشأت عنها  مذبحة  طنطا و  غيرها  من البلاد فأوقفت فيها  حركة التجارة و  عطلت أعمال  الزراعة ثم فى  عصيانه  لأوامر  جلالة السلطان المعظم و  هى الأوامر  التى  صدرت  له بالإنقطاعه عن  التظاهر  بالعدوان فى الإستحكامات  و الحصون  مما بات  معلوم النتيجة  من هلاك النفوس  و  تدمير  قلاع  و  خراب  أبنية  .
و بعد  أن  بدد  عرابى  فى  أقل  من  ساعة  شمل سكان  الإسكندرية التى  نهبها  ، أضرم  فيها النار  و  خرج  منها بجيشه  ذاهبا  إلى  كفر  الدوار  حيث  عسكر  بقومه  من  غير  علمنا و غير  إرادتنا  فبعث  ذلك  على  نزول  الإنكليز إلى المدينة  لاطفاء  النار  المضرمة  فيها و  منع النهب و المحافظة  على الراحة  .


و فوق  ذلك  منع المهاجرين  من العودة إلى أوطانهم  و  قطع  ما بين أهلهم و بينهم  وسائل الصلة و العلاقة  و  قطع الماءعن الإسكندرية  و أعلن  جهرا عصيانه بأكاذيبه الظاهرة  فلذلك  عد عاصيا و  مستحقا  لأشد  العقوبات بمقتضى الشرع الشريف  .
و  لا  يزال  مع  ذلك  عاملا على  تعمم الخراب  بمساعدة  جنده  و الاهالى  المتحزبين  معه المنقادين لأدائه الوخيمة  و قد  تجاوز الحدود  بما يفوق  الوصف  فاستولى  على أموال  الضرائب  و  عزل  كثيرين  من  موظفى الحكومة  و  استبدلهم  بغيرهم فى  حالة  كونه  معزولا من  وظيفته  معدا  للعقاب  الصارم الشديد .
و لقد رأينا أن  قلوب  كثير  من رعيتنا  لا  تزال  قاسية  مائلة إلى  عرابى  بالرغم  من  اوامرنا  السابقة  فلذلك  اصدرنا  هذا المنشور  الآخر  معلنين  فيه أن  كل  شخص  يعرف  عنه  انه  ذا  ضلع  مع  عرابى  و  ميل  اليه  عددناه  عاصيا  مستحقا لجزاء  العصيان .
فرحمة  بمصر  و  أهلها نستأنف  الأن   إعلاننا  للمصريين  عموما و الجند  خصوصا  أن  كل  من  أصر  على  عصيانه و  انقياده  لعرابى كان  مذنبا امام  الله  و  غير  مقبول  العذر  لدينا  فنجرده مع  ولده و ذريته من  جميع الرتب  و الرواتب  و  معينات التقاعد و سائر  الإمتيازات التى  كان متمتعا بها  .
و ليعلم  المصريون اننا  نحن  أميرهم و  مولاهم و  ان  لا  يرتكبوا عصيانا علينا و ليعلم كل  منهم ايضا انه اذا  ادى للعاصى  عرابى أو  لأتباعه أموال  الضرائب كانت  تأديته للمال  غير  محسوبة  لدينا بل  اننا  نطالبه بها  يوم تنقشع عن  سماء  مصر  غيوم النكبات العرابية . " 


المصدر  
مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص600

السبت، 9 نوفمبر 2013

يوميات فيلم القاهرة 30

لا  توحى  بساطة الغلاف  و  لا  العنوان  بقيمة هذا الكتاب  الرائع  .
يوميات  فيلم القاهرة  30 يمثل نوع  نادر  من الكتب فى المكتبة السينمائية العربية  .. و ربما  لا يوجد كتاب  اخر فى المكتبة  العربية  يقوم  بتوثيق  رحلة  صناعة  أحد الأفلام  ..
يأخذنا الكاتب  فى رحلة  رائعة و مشوقة  بداية من العمل  على كتابة  السيناريو  للفيلم  و  مراحل  تعديل  هذا السيناريو  و  يروى لنا بالتفصيل  مراحل صناعة  الفيلم  و  كأننا  انتقلنا بأنفسنا  لداخل البلاتوه  لنتابع  كيفية التصوير و العلاقات  بين الصلاح  ابو  سيف و الممثلين  والعمال  و  مدير التصوير  و المصور  و  المونتير و كافة الفنانين  و الفنيين   ..و حتى  مرحلة ما بعد العرض  و  المقالات النقدية التى  تناولت فيلم  القاهرة  30  .

سنجد  فى  هذا الكتاب فؤاد  الظاهرى  بتحدث  عن  دخوله  لمجال  السينما وأسلوبه فى  العمل
كما سيروى  لنا صلاح  أبو  سيف  اسلوب  عمله  و كذلك  سيحكى  لما  سعيد الشيخ  عن  تجربته مع الفيلم  و سنتابع  معه  مراحل  مونتاج الفيلم
الكتاب  ملئ بالتفاصيل الشيقة  لأى  صانع أفلام أو  حتى  هاوى
  

الاثنين، 21 أكتوبر 2013

عزل عرابى و رفض المجلس العام لقرارات الخديو و ابطالها

كانت  صف المصريون  فى  حربهم  دفاعا  عن  مصر  ضد  الإنجليز  مخترقا  من قبل الخديو  و  الدولة العثمانية  ..
فقد  أعلن  الخديو  عصيان  عرابى  و  خروجه عن الملة  مما سبب إرباكا شديدا  فى  صفوف  المصريين  و خاصة بعد  تأييد  الخلافة فى الأستانة  لما  ادعاه الخديوى  .
على الجهة الأخرى لم  يكن  عرابى  وحيدا فى  قيادته  للجيش  و الشعب  المصرى ..و لم يكن  يتحرك  بمحض  رغبته  بل  كان  هناك  مجلس  نواب  يتخذ القرارات
فنرى فى  مذكرات عرابى  أمر الخديو  بعزل  عرابى
" إلى  أحمد باشا عرابى فى  4  رمضان سنة 1299 و  20 يوليو  سنة 1882 م
ان سفرك إلى  كفر  الدوار  مصحوبا  بالجند و  خروجك من الإسكندرية  بعد القتال  بدون  أن  تؤمر  بالخروج منها و  تعطيلك  للخطوط الحديدية و البريد  و  منعك لمهاجرى الإسكندرية  من العودة الى  أوطانهم و استمرارك  على  اعداد  التجهيزات الحربية و  عدم  قدومك الى الإسكندرية يوم  استقدمتك اليها  .  كل ذلك  ألجأنى الى  عزلك من  وظيفتك فانت  بمقتضى هذا الأمر  المرسل  إليك معزول  منذ الأن من  نظارة الجهادية و  البحرية "
و  تم تعليق  هذا المنشور  بشوارع المدينة و معه أسباب التى  دعت لعزل  عرابى  و منها  " ان نزول العساكر الإنجليزية الى المدينة لم  يكن بقصد  التبوؤ  و الإستيلاء فإن  مؤتمر القسطنطينية  لا يوافق  على  ذلك بل  ان الإنجليز يعودون  إلى بلادهم بعد استتباب  الأمن و الراحة فى البلاد المصرية و بعد  إعادة السلطنة الخديوية "

فكان الرد من القوى الوطنية  كالآت  

"انعقد المجلس  العام فى  ديوان الداخلية  فى  22  يوليو  سنة 1882  (  يؤكد  محقق لمذكرات ان التاريخ الفعلى كان  26 يوليو  و كلا  التاريخين  ذو  دلالة  لما سيحدث  فيهما  لاحقا  بعد  70 عاما  بالضبط  )  و  6 رمضان  عام 1299  و بعد  تلاوة  الأوراق  المعروضة  صدرت  صورة  فتوى  شرعية  من الشيخ العارف بالله و شيخ الإسلام و المسلمين السيد محمد عليش  و شيخ  الإسلام  الشيخ حسن العدوى و الشيخ الخلفاوى و  غيرهم من العلماء  بمروق  الخديوى توفيق  باشا  من الدين كمروق  السهم من الرمية لخيانته دينه و وطنه و امته و انحيازه  الى  الجيش  المحارب  لبلده فقر  قرار المجلس  بما يأتى
بعد  تلاوة الأوامر الصادرة  من الخديو أولا  و  آخرا  و فيها الأمر  الصادر بعزل  أحمد باشا  عرابى و  تلاوة  منشورات  عرابى  باشا  و بعد سماعنا  ما عرضه  وكيل الجهادية بصفته  بهذه الوظيفة  و  كونه رئيس  المجلس المشكل  لإدارة أشغال  الحكومة   على المجلس  و  هو  :  هل وجود الخديو  فى الإسكندرية  هو  ونظاره  تحت  محافظة  عساكر الإنجليز  يقتضى  عدم  تنفيذ أوامره أم  لا  و إذا  صدرت  له أوامر  الخديو  هل  يعمل  بها  أم  لا  ؟ رأينا   ان  وجود العساكر  الإنكليزية فى الإسكندرية  و بقاء  مراكبهم الحربية  فى السواحل  المصرية  و وقوف  عرابى  باشا  لمدافعة  العدو يقتضى  وجوب  بقاء الباشا  المشار  إليه  فى نظارة الجهادية و البحرية  مداوما على  قيادة العساكر  و  متبعا  فى أوامرهالمتعلقة بالعسكرية  و  عدم  إنفصاله من  تلك الوظيفة . و رأينا  وجوب  توقيف أوامر الخديو  و  ما يصدر  من  نظلرة  الموجودين معه فى اسكندرية كائنة  ماكانت لآى  جهة من  الجهات و  عدم  تنفيذها  حيث  أن الخديو  خرج من قواعد الشرع الشريف و القانون المنيف  و يلزم  عرض  قرارنا  هذا  على الأعتاب  الشاهانية  بواسطة  وكلاء النظارات .
المصدر  
مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص597
 الصور  من  مجلة المصور العدد  409 



الجمعة، 18 أكتوبر 2013

فى مؤتمر الأستانة

للغرابة  عقد فى الأستانة  مؤتمر  حضرته  مجموعة من  أهم الدول  الأوربية  لتقرير  مصير  مصر  ..  عقد  المؤتمر فى الأستانة  لأن  مصر  تتبع  الدولة العثمانية  .. و لكن  للغرابة و  العجب  لم تشارك  الدولة  العثمانية فى المؤتمر المنعقد على أرضها  !!! و  تركت  الدول الأوربية  تقرر  ما شاءت  !!!!
عقد المؤتمر فى  24  يونيو  عام 1882
مما ذكره اللورد  دوفرين  سفير  إنجلترا بالأستانة فى  هذا المؤتمر

" لا  أغالى  إن قلت  أن الفوضى  بكامل  ما يحتمل  معناها  قد  تمكنت  فى  مصر  تمكنا  شديدا  فى الأشهر الأخيرة  , فقد  رأينا  قوما  من الجهادية  عصوا بلا سبب  شرعى  صحيح  ينشرون  به  مقاصدهم  الخفية  فكان أول  ما بدى  منهم العسف و الشدة  و الإعتصاب  ثم  دفعهم  ذلك  إلى  مخالفة  الوامر  و  منها  اتصلوا الى الثورة و  العصيان  ثم إلى اغتصاب  السلطة  و الحكم فى البلاد  فنشأ  عن ذلك  اختلال الإدارة  و وقوف  حركة الأعمال  المتجرية  المألوفة  و بات الفلاح  غير  قادر  على  تسديد  ما  عليه  من الأموال ا لأميرية  .. . "
ثم  نجده فى  فقرة أخرى  يقول
"  و لا  تقتصر الإرتباكات الحاصلة  فى  مصر  على  هذه الأمور  فقط  بل  تتناول أيضا  التعهدات الخصوصية  المبرمة بين  مصر و  حكومتى  فرنسا و إنجلترا  فإنها قد  مست  و  انكرت  و  منح المأمورون  المعينون  لإنفاذها  من إجراء  وظائفهم و  نزعت  منهمالحقوق  الممنوحة لهم منأجل  إجرائها  ... "

ثم فى فقرة  أخرى  يتحدث  عن الأخطار المحدقة بحياة الأوربيين فى مصر  و  تعرضهم  للقتل
حتى  ينتقل الى خطط المستقبل فيقول

" أما الأول  فينحصر فى  سرعة  إعادة  حكومة  منظمة  إلى  مصر  و  جعلها  عادلة  مستقيمة  نافذة الكلمة  تعترف  بسلطة الخديوى و  تكون  حاصلة  على  إرادة القيام  بالتعهدات الدولية  المستمرة  إلى الأن  و الإقتدار على  إجراء  أحكامها  و  على  ضبط  الإدارة و وقاية الأمن و صيانة  حياة الأوربيين  القاطنين  فى القطر المصرى  و أملاكهم .
أما الثانى  فهو  عبارة  عن  إحتياط  و  احتراس  يضمنان   استمرار  الراحة و السلم فى المستقبل  و  عدم  وقوع  حوادث  محزنة  من  مثل  التى  حدثت أخيرا  فأوجبت  إجتماعنا اليوم  هنا و لا  شك  اننا  لا نصل  بالسرعة  إلى  التوافق  على الأمر الأول  و لكن  لا  يجب  أن  ننسى  أن  كل  حركة ثورية  إذا  لم  تعارض  و  تقمع  تكتسب  قوة و  عزما  و تمسى  راسخة  فى أرض  نشأتها  فلا  يعود  من السهل  إستئصال شافتها و العصاة الجهاديون  بمصر  هم  فى  هذا الاسبوع  أشد و  اقوى  من مما  كانوا قبله و سيكونون فى  الإسبوع القادم أكثر  قوة  و  تقدما  مما  هم  عليه فى الإسبوع الحاضر  و فضلا  عن ذلك  فإن  كثيرين  من الأوربيين  لا يزالون  فى  مصر  و المدن الداخلية  رغما عن  مهاجرة  كثيرين  منهم  و أرواحهم  جميعا  كائنة  تحت  تصرف عرابى  باشا  المطلق  و أحزابه و سلامتهم من الأخطار  متوقفة على  سرعة إجراء  ما ينحط رأينا عليه و  ينصرف  تبصرنا  و  تدبيرنا إليه ." 


مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص538


اصدار  دار  الكتب  و الوثائق القومية

المستعمرين لهم إسلوب واحد

نفس  التعبيرات و  نفس الجمل  تتكرر  و لو  بعد مئات السنين  
عما حدث فى البرلمان الإنجليزى  عام  1882 يذكر  عرابى فى  مذكراته  

" ثم  جاء  نبأ  عما  صرح  به  اللورد  ساسيورى  فى دار الندوة  الإنجليزية  متضمنا  أن  إنجلترا  وحدها  قادرة  على  إنفاذ  ما تروم  انفاذه  بالقطر المصرى ولو  عارضتها  أوربا  بأجمعها و  سائر ممالك  الأرض "

مذكرات  أحمد  عرابى  

كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص524
اصدار  دار  الكتب  و الوثائق القومية

الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

نظام الملك يتحدث عن إسناد عملين لشخص واحد

طلب أحد الملوك  من  أعوانه تأليف  كتاب  يكون  دليلا  للحاكم  و من بين الكتب الموضوعة بأمره إختار  هذا الكتاب  ليكون  هو  المرشد له  و لمن  بعده  و  كان قد  قام  بتأليفه  وزيره  نظام الملك  الطوسى  وزير السلاجقة  ( 408 - 485  هـ )
الكتاب  يدعى  سياست  نامة أو  سير الملوك
الكتب  ملئ  بالأفكار  المهمة  للحكم و مع الإعتبار  بإنتماء  تلك الأفكار  لطبعة الحكم فى  هذذا العصر إلا  ان  بعضها  و  خاصة  بما يتعرض  لأساليب الإدارة  قد ي كون  صالحا  حتى وقتنا  هذا  ..

فى الفصل  الحادى  و الأربعون من الكتاب
يقول  المؤلف

" لم يسند  أحد  من الملوك  الأيقاظ  و الوزراء  الأذكياء ، فى  اى  عصر من العصور ،  عملين  إلى  شخص  واحد ، او  عملا  واحدا  أنيط  إلى  شخصين  قط .  فكانت  شؤونهم ، لهذا  منظمة ذات  بهاء  و  رونق  . لأنه  إذا  ما أنيط  عملان  بشخص  واحد  فلا  مناص  من أن  يتسرب  الخلل  إلى  أحدهما  أو  يتوانى  فيه على  حساب الأخر  . إذ  ان  المتصدى  إذا  أراد  القيام  بواجبه  نحو  أح
هما  خير  قيام  و  تعهده  و الإهتمام  به  بجد  فلا  مندوحة  من  تسرب الإختلال  و التقصير إلى الأخر  و بالعكس  ..  "
ثم يكمل لاحقا
" أما  فى هذه   الأيام  فثمة  من  يتسنم  سدة  عشرة  مناصب ،  دون أن  تكون فيه  أية كفاية . و إذا  ما جد منصب جديد ، فإنه  لا  يألو جهدا فى  إتخاذه  لنفسه و لو  أدى به الأمر  إلى  دفع  المال  مقابل  ذلك .. "
ثم  يشير  فى  وقت  لاحق  إلى ما  ينتج  عن  هذا  من  بطالة ذوى الكفاءات  ..
كان  هذا الحديث يدور  منذ  1000  عام !!!

المصدر

سياست  نامة  أو  سير الملوك
تأليف  نظام الملك الطوسى
ترجمة  د. يوسف  حسين بكار
نشر  و  توزيع دار الثقافة  -  الدوحة  - قطر  

الخميس، 26 سبتمبر 2013

كنت مخدوعا

"  و إننى  أذكر  تلك الواقعة  لأننى  أشعر  أيضا  أننى  كنت  مخدوعا  مثل  السفير  باتل  لعدم  معرفتى  بالإتصالات التى  كان يجريها السادات مع الأمريكان و التى  تتعارض  مع  سياساتنا المعلنة  و  المتفق  عليها  .
ففى الوقت  الذى كان السادات  يجرى  إتصالاته مع الولايات المتحدة سرا  حول الحلول  الجزئية  منذ  بداية  عام 1971  كان  يؤكد  لى  تمسكه بالحل  الشامل  كما  كان يعلن  ذلك على الشعب  ، فيؤكد فى  خطاباته  أنه  لن  يقبل  بالحلول  الجزئية  و ـنه يصر  على  إنسحاب  إسرائيل  من  كافة الأراضى العربية "
محمود  رياض  وزير  خارجية السادات  حتى  عام 1972
ص 148
من  مذكراته
الجزء  الثالث
أمريكا  و العرب
دار  المستقبل العربى
الطبعة الأولى
1986 

مذكرات محمود رياض - امريكا و العرب














محمود  رياض  وزير  خارجية  عبد الناصر الأخير و  وزير خارجية السادات  حتى  عام  1972  ثم  أمين  عام  جامعة الدول  العربية منذ  عام 1972  و  حتى  1979  عندما  تم  تجميد  عضوية  مصر فى الجامعة و  نقل  مقرها  الى  تونس  .. فاستقال  الرجل  لأن  التوجه العام اصبح  مناقضا  لأفكاره و  مبادئه التى  تؤمن  بالوحدة  العربية و التوافق  العربى  .
يروى  رياض  فى  مذكراته  علاقة  أمريكا  بالعرب و  مصر  تحديدا  خلال  فترة  عمله  كوزير  خارجية  مع عبد الناصر  ثم  يعطى الجزء  الأكبر  من مذكراته لعلاقة  أمريكا  مع مصر و العالم  العربى  فى  عهد السادات  بداية  من  تولى السادات  الحكم و  حتى  استقالته  من أمانة  جامعة الدول العربية  عام  1979  ..
لعل  أكثر  ما  هو  هام و  مؤلم  فى  مذكراته  عرضه  لكيفية  إهدار  نصر  أكتوبر  1973  ثم  تفكيك  العالم العربى  و الإلقاء  بمصر فى الفخ الأمريكى  الإسرائيلى     ..  الكتاب  ملئ بالقصص التى  شاهدها  شخصيا  او  استند  فى  روايتها  على  مذكرات  شخصيات  مثل  هنرى  كسينجر  و  كارتر  و  غيرهم  من القادة  الأمريكيين  و الإسرائيليين  ..

مذكرات  محمود  رياض
الجزء الثالث
دار المستقبل العربى
الطبعة الأولى  1986

الكتاب  ملئ بالمهازل السياسة  التى لو  حاولت  اختيار  بعضها  لنشره فى المدونة  لإنتهى  الأمر  بنشر الكتاب  كله  فى المدونة  !!

السبت، 21 سبتمبر 2013

ضد عرابى 3

بعث المستر  كارتريث  وكيل  قنصل الإنجليز فى الإسكندرية  إلى اللورد  غرانفيل ناظر خارجية الحكومة الإنجليزية  بتاريخ  26 يونيه  بخطاب سنعرض مقتطفات  منه .. و سنرى  احيانا  تعليقات  عرابى على  ما ورد بالخطاب .
سيدى اللورد
لقد  لاح  لى  انه  صار  من  المرجح الأن  لدى حكومة الآستانة أن  وزارة راغب باشا  ستكون حسنة الإدارة و  أن  نفوذ  عرابى  باشا أخذ  فى التناقص و أنه  لم يبق  له  من  موجب  للإلتجاء  إلى تدابير  فعالة  و وسائل  مشددة  فرأيت  من الملائم  أن  أخبر  من  هذا المقام  سفير  جلالة الملكة بالآستانة  أن  ليس للأمن  من  أثر  فى الديار المصرية  بسبب  ما يجريه  المتحزبون  للجهادية  فيها من الأعمال  الموجبة  لفقدانه منها و أن  نفوذ  عرابى  باشا  أخذ فى النمو  و الإزدياد  بحيث  أصبحت  إقتراحاته الأن  أكثر  صعوبة  من إقتراحاته الماضية  و  أمست  حالة الجهادية  حالة  عجب  و  كبر  و  تيه  و  خيلاء و  كل  ذلك  ناشئ  عن  بقاء  عرابى  باشا فى الوزارة  (  كل  هذا  كذب  صريح فإن الجهادية  متمسكة  بإحترامات  قوانينها  و لم  تتداخل  فى  شئ  ما بعد  افتتاح  مجلس  النواب المصرى  )  ...
يستكمل  القنصل الإنجليزى  فى  جزء  أخر  من  رسالته
" و  مما زاد الطين  بلة  النيشان الذى انعم  به  جلالة  السلطان  على  عرابى  باشا  فى  هذا الوقت  المقلق فإنه  رفع  مقامه  فى أعين  الجميع  و  أعلى  كلمته  و شدد  عزائم الجهادية  و  جعل  عرابى  باشا  هو المشار  إليه  و المعنى  به  و المحدث  عنه  فإذا  أظهر  فى  محفل  عمومى  أعدت  له  أسباب  الإحتفال  الفائق  و الإستقبال  الشائق  و إذا  مر  بشوارع  المدينة  سار  فى  ركابه  من  دون  سائر  الوزراء  جاعة من الخيالة  مثل الذين يسيرون  فى  ركاب الخديو  .
و  مما لا يجب التغاذى  عنه  هو  أن  عرابى  باشا  ليس  حاصلا  فقط على النفوذ  التام  و  مع  مزيه كونه لا  يُعارَض فى مجلس  الوزراء  بل  أن الجهادية  أنفسهم هم  أرباب  الأمر و النهى  و النقض  و الإبرام  و أصحاب الكلمة النافذة  فى  جميع الإدرات   التى  لهم  دخل ما فى  أمورها  فبات  المحافظون  لذلك  و المديرون  و  المأمورون  الملكيون  فى  جميع جهات  القطر لا  يستطيعون  إلا  انفاذ  اوامر الجهادية  بل  باتوا  لا قوة  لهم و لا سلطة  و لا  نفوذ  كالرؤساء الجهادية  لإدارة  الأمور  و الأعمال  مع  ما يريدون  (  و  هذا  خلط  لا  حقيقة  له  إلا  فى  مخيلة  المستر  كارترايت )



مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص522
اصدار  دار  الكتب  و الوثائق القومية

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

دور الخديوى توفيق فى أحداث الإسكندرية

كانت  حادثة الإسكندرية الشهيرة و الصراع بين الرجل المالطى و صاحب  الحمار  و التى  انتهت  بمعارك  هائلة بين  أهل  البلد  و الأوربيين  و سقط فيها  أعداد  كبيرة  من الضحايا  من الحجج التى  إعتمدت  عليها الدول الأوربية  للتدخل  فى  الشأن المصرى و  حجة لبريطانيا  لقيادة هذا التدخل  حتى ينتهى بإحتلال  مصر .
و  كان قد  سبق  ذلك  أن  توترت الأوضاع  عقب  إستقالة  حكومة البارودى  ومنها  عرابى  كوزير  للحربية  ,,  فذهب القناصل  لعرابى  ليسألوه  ضمان سلامة  الأوربيين  بمصر فقال  لهم  انه  لا يملك لهم  شيئا  فقد  استقال  من الوزارة  و  ليس  له اى  منصب رسمى   و لكنه  ألحوا  عليه فقام  بطمأنتهم  و  أرسل  تلغرافات لجمبع المراكز العسكرية  بإعتباره  رئيس  الحزب الوطنى ..  ثم  قام سلطان باشا  رئيس  مجلس  النواب  بدعوة  عرابى  الى  منزله  و  أعلن النواب  رفضهم للائحة التى  طالبت بها  انكلترا و فرنسا  بعزل  عرابى  و  التى  استقالت الوزارة  اثر  تقبل الخديوى  لها  ..  و  طالب  البعض  بعزل  الخديوى  .
ثم  ذهب  سلطان باشا  و بعض  النواب  و  ضغطوا  على الخديوى  توفيق  حتى  أعاد  عرابى  لوزارة الحربية  .
ثم  كانت  أحداث  الإسكندرية

 و  عن  تلك الأحداث
يذكر  د.عبد المنعم الجميعى  فى  هامش  تعليقا  على احداث  الإسكندرية
" بعد  ان  تعهد  عرابى بالمحافظة  على  الأمن  و  النظام  سعى الخديوى  إلى  إحداث  الشغل فى القاهرة  و لما  تعذر  ذلك  أرسل  برقية  إلى  عمر  لطفى  محافظ الإسكندرية  آنذاك  جاء  فيها  : ضمن  عرابى الأمن  العام  و نشر  ذلك  فى الصحف و  جعل  نفسه  مسئولا  لدى القناصل  فإذا  نجح  فى  مانه  وثقت  به الدول  و  صغر  شأننا  أما الأن  و أساطيل الدول  فى  مياه الإسكندرية  و  عقول الناس  متهيجة  فوقوع  الخلاف  بين الأوربيين  و  غيرهم  أمر  محتمل فإختر  لنفسك  إما  خدمة  عرابى  فى  ضمانه أو  خدمتنا  . "



مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص506
اصدار  دار  الكتب  و الوثائق القومية

ضد عرابى 2


معركة الدول الأوربية  ضد  عرابى  كانت  عنيفة و الرغبة فى  إقصاءه  شديدة  ..  من الملفت  ان  مذكرات عرابى  لا تشعرنا  بشكل  كاف  بكيف  تطور  هذا  الغضب الأوربى  ضد  عرابى  .. ربما  يكون  ذلك بسبب  طبيعة العصر و  عدك  كنه  من العثور  على  كل التفاصيل حتى  عند  كتابة المذكرات .
و لكنه يذكر  فى  الجزء الثانى  من مذكراته  ص 497 تحت  عنوان فصل
"و نفذت الى سفيرى فرنسا و انكلترا فى الآستانة أوامر من حكومتيهما بأن يعرضا على  الباب العالى أن يتداخل باسم أوربا فى القطر المصرى  تداخلا غير مطلق بل معين الحدود و أن يكون إبتداء هذا التداخل بإرسال مأمور على سفينة واحدة حربية يحض الضباط المصريين على امتثال أمر الخديوى و الخضوع  لإرادته و يصدق  على  تصرفه فى أعماله السابقة . "
( و هنا المقصود  بالطبع  عزل  عرابى  و الذى  قد  تم رفضه  من  خلال  الضباط فعاد ناظرا للجهادية  )
ثم نجد فى  باقى  النص ما يعكس  حجم التخاذل الرهيب  للدولة العثمانية  تجاه  تدخلات  الدول الأوربية و إن  كان  ظهر  بشكل  دبلوماسى  و كأنه  إمتصاص  للغضب الأوربى   ..
"فإجتمع لوزراء  فى الآستانة و تذاكروا فى  تداخل الباب  العالى  فى القطر المصرى  و قرروا  أنه  إذا دعت الحاجة  إلى  ذلك فلا  يكون  التداخل  إلا  بمقتضى سياسة الحضرة السلطانية  على القطر المصرى  التى  تعترف  بها  اوربا  و ليس  على الوجه  المقيد  كما  عرض السفيران "

و يكمل  عرابى  قائلا 
" و ثبت أن فرنسا  و  إنكلترا  أرسلتا  إلى الباب  العالى  لائحة مشتركة تطلبان  فيها  أن يأمر  عرابى  باشا  و سائر  زعماء الحزب العسكرى  أمرا  قطعيا  بالذهاب  إلى الأستانة . "

 المصدر  مذكرات  أحمد  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص 497 \ 498
اصدار  دار  الكتب  و الوثائق القومية

السبت، 14 سبتمبر 2013

أحمد فنى

هو  أحد الشخصيات التى  أستشهد بها  أحمد  عرابى فى  مذكراته  على  بطش  النظام فى  ذلك الوقت
فيذكر انه  بعد  تقديم  العريضة الخاصة بالشكوى  من  عثمان رفقى  ناظر الجهادية  و  طلب  عزله و  رفع  عدد  جنود الجيش  المصرى  الى  18000  و  تعديل القوانين العسكرية  بحيث  تكفل المساوة  بين  مختلف الأجناس  ..  ذهب  عرابى  مع  رفيقيه  عبد العال  حلمى  و على  بك فهمى  لرئيس  النظار  رياض  باشا فقال  عن العريضة  "  أن امر  هذه  العريضة  مهلك  و  هو أشد  خطرا  من  عريضة  أحمد فنى الذى  ارسل  الى  السودان (  و  احمد فنى  هذا كان  كاتبا بديوان المالية  و  كان  طلب المساواة  مع  خدمة الديوان المذكور  فعوقب  بارساله  الى  مقبرة المصريين فى  السودان  و  هلك  هناك  )
 المصدر  مذكرات  أحمد  عرابى
كشف لاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الأول 
ص 228

ضد عرابى ..

هناك  شخصيات  ما  ان  تقترب  من السلطة  او  من  تحقيق  هدف  ما  حتى  و  حين  تعجز  كل الظروف المحلية  عن  ازاحته  يستنفر الغرب قوته  ليزيحه  بنفسه  و ليهدم  مشروع كان يمكن  ان  يحقق  شيئا  ..
رأينا  هذا فى  حالات  كثيرة  أقربها  للأذهان  تجربة  محمد  على  و  عبد الناصر  ..
فى  مصر  شاعت  تعبيرات  هوجة  عرابى  ..  ثورة  عرابى على  الخديو  و  الجمل المأثورة  و لكن  هناك  أسطر  ربما  لا  تكون  خفية و لكنها  لا  تأخذ  صدارة الصورة ..
فلنرى  ما  جاء  ذكره فى  مذكرات  عرابى
 فى  فصل  ثالث
و  تحت  عنوان  " فى  ذكر  قدوم الأسطولين  "
يذكر  عرابى الأتى
" و  جاء  فى  جريدة التايمس  حينذاك  أن  ارسال  الدوارع  الى  مياه  مصر  لم  يقصد  به إلا تعزيز  الخديو و  تأييد  سلطته  فأول  شئ  يجب  إجراؤه هو  حمل  عرابى باشا على التنحى عن الإدارة  و السياسة  و قلب  الوزارة  و إذا  لم يكف  إرسال  الدوارع لبلوغ الغاية  ترتب  على  ذلك  إستخدام  القوة لإكراه  عرابى  باشا  و أعوانه على  تنفيذ ؤمطالب  الدولتين  و يتم  ذلك  بإرسال  بع  الجنود إلى  القطر  المصرى  و  مجانبة  لمس  إستقلال  مصر  و يجب  أن تكون  تلك الجنود  عثمانية  و إذا  تمرد  المصريون  عليها عدت  مصر  عاصية  على الدولة  فيترتب  إذ ذاك  على الدول  أن  تنظر  فى  هذا الأمر  و  هو  :  إلى  اى  حد يقضى  بقاء إستقلال  السلطنة العثمانية  على الدول  الأوربية  بعدم  التداخل  فى المسألة المصرية  بالنفوذ و القوة ."
و فى  حين  أن  الحجة  هى  تعزيز الخديو  و  ان يتم  ذلك  من  خلال  سيطرة الدولة العثمانية  على مصر  و  على ان  يقوم الجيش  العثمانى بفرض  سيطرته  إلا  اننا فى  الفقرة التالية  نجد  أن  عرابى  يذكر  الأتى  (  و  هو  من  كان  يعتقد  ان  السلطان العثمانى يسانده فى  كل  مواقفه  )
" و فى  خلال  ذلك  طلب الباب  العالى  من فرنسا  و  إنكلترا  أن  تستردا  أسطوليهما فأجابتنا  أنهما لا تسترجعانهما  إلا  بعد  ان  تعود إلى مصر  راحتها  و يستقر فيها  النظام  "
طبعا  كان  قد  تم  استخدام  حادثة الإسكندرية الشهيرة و  أحداث  الشغب  التى  حدثت  و  أمتدت  الى  بعض  المحافظات المجاورة  ..  تلك الحادثة  التى  كان يعتقد البعض  انها فى الغالب  كانت مدبرة  من الخديو  أو  من القوى  الإستعمارية  .
يتابع  عرابى قائلا

"  و فى  25  مايو  تقدمت  لائحة الدولتين  المشتركتين  بالبلاغ  الأخير  للوزارة المصرية  بطريقة  رسمية  و  مآلها  طلب  سقوط  الوزارة و  خروج  عرابى  باشا  من القطر المصرى  فتضمن  له الدولتان  حفظ  رتبته  و  مرتباته  و إقامة  عبد العال باشا حلمى  و  على  باشا  فهمى  فى الأرياف  بجهات  لا يخرجان  منها  و  تضمن  لهما الدولتان  رتبهما و  نياشينهما  و رواتبهما  و  تفكيك  صفوف  العسكر  فلا يبقى  منها الا  القدر  اللازم  لحفظ الحدود القبلية  .!!
اى  الهدف  تفكيك الجيش  المصرى  أيضا  !!
تقدمت  وزارة  البارودى بالإستقالة  احتجاجا  على التدخل الأجنبى  .. فقبل  الخديو  الإستقالة  و  أصدر  منشورا  ذكر فيه من ضمن  ما ذكر  " كما  انه  من حيث  أن المراكب الحربية  الأجنبية  التى  حضرت إلى الإسكندرية  لم يكن حضورها إلا  بوجه  سلمى فقط و لم يكن  هناك شئ  آخر خلاف  ذلك فليس  هناك  لزوم  لإرسال  أحد من  عساكر الإمدادية  الذين  صار  طلبهم أخيرا بمعرفة الجهادية بل أن  الموجود  منهم تحت  الحضور  من البلاد يتنبه بصرف النظر عن  حضوره و إعلان  المراكز و الأقسام بالتنبيه على مشايخ  و  عمد البلاد بهذا المضمون ... "
و لكن فى  إحتفال  أقامه  الخديوى يوم  27  مايو  سنة  1882  حضره المشايخ و رؤساء  الجهادية  كان  لأحد قادة الجيش  المصرى  رأى  أخر  ..  فأعلن  طلبة  باشا  عصمت  ان  تلك اللائحة  مرفوضة  و أن  الجيش  لن يقبل  بقائد  غير  عرابى فصادق على قوله  جميع المشايخ  كما  يذكر  عرابى  و  انسحب  طلبة  من  حفل الخديو  و  تبعه  جميع الحاضرين .
كما  هدد ضابطان  الايات الإسكندرية فى  تلغرافات بأنه  إن لم  يعد  عرابى فى  ظرف  12  ساعة فإنهم  غير  مسئولين  عما يحدث  مما  لا  يستحب  وقوعه  ..
 المصدر  مذكرات  أحمد  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الأول 
ص 487
اصدار  دار  الكتب  و الوثائق القومية

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

السيد حسن موسى العقاد

حسن  موسى  العقاد  شخصية  نجهلها  غالبا .. و لا  يعلم به  سوى  المتخصصين  فى التاريخ و  من يسكن أو  يذهب  الى  احد  الشوارع المسماة  بإسمه  ..
قيمة  هذا الشخص  انه  يمثل  احدى صفحات المقاومة المصرية  و البحث  عن الحرية و العدل .. ففى  حين  أن  أغلبنا يظن  أن  أولى صفحات  المقاومة  بعد  تأسيس  اسرة  محمد  على  انما  تبدأ  بالثورة العرابية  و  أبطالها  إلا  اننا  نجد  ان  شخص  مثل  حسن  موسى  العقاد  ربما  كان أسبق  بقليل  من  عرابى و  ان  عاصر  عرابى  و  سانده  بقوة  فيما  بعد  .
فى  مذكرات  عرابى  .. يذكره  مستشهدا به  على  جور  النظام فى  وقتها  قائل
" و  ما  حل  بالسيد  حسن موسى العقاد بسبب  كلمة  عدل  أراد  بها مساواة الأهالى  الذين  دفعوا للحكومة 17  مليونا  من الجنيهات باسم  المقابلة و  5  ملايين أخرى  باسم الأسهم ، بالأجانب  أصحاب الديون . "

أما  عن  السيد  حسن موسى العقاد فيذكر محقق  مذكرات  عرابى  الدكتور عبد المنعم إبراهيم الجميعى  فى  هامش  موضحا به  تلك الشخصية  .
أنه  "  أحد  كبار  التجار  بالقاهرة  حيث  كان سر  نجار  مصر  و  هو  ما يعبر  عنه فى  أوساط التجاريين  بشهبندر  التجار  و  كان  من المهتمين  بأمور السياسة  و قد برز  نشاطه السياسى عندما  حضر  جمال  الدين الأفغانى إلى  مصر  فى  عام 1871 حيث إتصل  به  و  توطدت  الصلات  بينهما و يبدو  أنه  تشرب  الروح الثورية من الأفغانى فقد  تزعم المعارضة ضد  الحكومة و  ندد بسوء  إدارتها  ، كما  هاجم  الغاء  الحكومة  لقانون المقابلة  و  نتيجة  لذلك  أمرت حكومة  رياض باشا بالقبض عليه و  حكم عليه بالحبس  لمدة سنتين كما  نفى إلى  أقاصى السودان . و  بعد قيام الثورة العرابية  وقف العقاد بجانبها و  اعتمد  عليه عرابى فى  كثير  من الأمور  و بعد  هزيمة الثورة حوكم العقاد و  حكم  عليه بالنفى  إلى  مصوع لمدة  عشرين  سنة ."
للتفاصيل  أنظر  عبد المنعم الجميعى :  حسن  موسى  العقاد  و  دوره فى السياسة المصرية دراسة  ضمن  كتاب  الثورة العرابية  بحوث  و  دراسات  وثائقية  ص 129 - 154 


المصدر  مذكرات  أحمد  عرابى
كشف لاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الأول
ص 228

الأربعاء، 28 أغسطس 2013

نموذج لتمويل الحروب الأمريكية :)

و نحن  مقبلون  على  حرب  جديدة  ضد سوريا  .. و بقيادة أمريكية  للعالم  كالعادة . قد يكون  من الواجب  معرفة  كيف  يتم  تمويل الحروب الأمريكية  ؟

من  كتاب  صغير  لهيكل مأخوذ  من  محاضرة له فى  احدى المؤتمرات  . الكتاب  اسمه  مصر  و القرن الواحد و العشرون  - ورقة فى  حوار  .  الكتاب  صادر  فى  طبعته الأولى  عام  1994 .
يقول  هيكل
" و لقد كانت الخاتمة  التى  تستحق  الإعتبار والعبرة  هى  ما  حدث  أخيرا  حين  أقدم العراق  على  حشد  جزء  من قواته  على  حدود الكويت  .
إن الولايات المتحدة  لم  تبدأ فى  حشدها المضاد  إلا  بعد إتفاق  على  تسديد  حساب التكاليف  .
خمسمائة  مليون  دولار  فى الأيام الخمسة الأولى لحشد الأساطيل  و الطائرات  و الجنود  ،  ثم  خمسون  مليون  دولار  كل  يوم  بعد  ذلك  ،  مع  إضافة  عشرين  مليونا  أخرى يوميا  لنفقات القوات  التى  وضعت فى  حالة تأهب  ، و إن  لم  تنتقل  بعد  إلى  منطقة الحشد فى الخليج  . و المطالب  بالدفع  بالطبع  هما  السعودية و  الكويت أولا  .
و من الغريب  أن بعض  التقديرات  الموثقة  تشير  إلى ان القوات  الأمريكية  التى  نزلت فى الكويت  لم تزد فى  ذروة الحشود  عن  مجموعة  لواء  ، أى  فى  حدود  ثلاثة  آلاف جندى  ،  بينما  كانت البيانات الرسمية الأمريكية  تعلن أن  العدد  فى الكويت  ثلاثون  ألفا  .!!!   و يظهر ان هذه البيانات أضافت إلى ارقامها أعداد  القوات  الموجودة  على السفن  العاملة  من الأصل فى الخليج ،  إلى جانب قوات  موجودة فى  قواعد مختلفة  من  دوله  .
و لا  يعرف التاريخ  من قبل  نظاما لإدارة العالم باليومية .
و لا  يعرف  التاريخ من  قبل أيضا   نظاما  عالميا  يمارس مهامه على  طريقة  مقاول توريد  الأنفار  و يغالط فى  عددهم أيضا !!!


المصدر
 مصر  و القرن الواحد و العشرون  - ورقة فى  حوار
محمد  حسنين  هيكل
طبعة ثانية 1994

دار الشروق

الخميس، 22 أغسطس 2013

تعليق الجبرتى على ما حدث مع سليمان الحلبى عقب القبض عليه





بعد  أغتيال  كليبر  على  يد سليمان الحلبى  تم  اعتقاله  و  مجموعة من  أصدقائه  و  تم اصدار نص  التحقيقات  باللغة التركية  و الفرنسية و العربية ..
يقول الجبرتى  تعليقا  على  ما  حدث  و قبل أن يسرد وقائع التحقيق مع  سليمان الحلبى  .
"  و قد  كنت قد أعرضت  عن  ذكرها لطولها  و ركاكة  تركيبها لقصورهم فى اللغة ، ثم  رأيت  كثيرا  من الناس  تتشوق  نفسه إلى الإطلاع عليها لتضمنها خبر  الواقعة و  كيفية الحكومة (يقصد المحكمة ) ، و لما  فيها  من  الإعتبار  و  ضبط الاحكام من  هؤلاء  الطايفة الذين  يحكمون ا لعقل  و لا  يتدينون  بدين  ، و كيف  و  قد  تجارى على كبيرهم و يعسو بهم  رجل  آفاقى أهوج و  غدره و قبضوا عليه  و قرروه و  لم  يعجلوا  بقتله  و قتل  من أخبر  عنهم  بمجرد  الإقرار  بعد  ان  عثروا عليه  و وجدوا  معه ألة القتل  مضمخة  بدم  سارى  عسكرهم و  أميرهم  ، بل  رتبوا حكومة و  محاكمة و أحضروا  القاتل  و  كرروا  عليه السؤال و الإستفهام مرة بالقول  و مرة بالعقوبة (  التعذيب )  ،  ثم أحضروا من أخبر  عنهم و سألوهم على  انفرادهم  و  مجتمعين  ثم  نفذوا الحكومة  فيهم  بما  أقتضاه التحكيم  ، و  أطلقوا  مصطفى أفندى الرصلى الخطاط  حيث  لم يلزمه حكم و لم  يتوجه عليه  قصاص كما يفهم جميع  ذلك من  فحوى المسطور  بخلاف  ما رأيناه بعد  ذلك  من أفعال أوباش العساكر  الذين  يدعون الإسلام ( يقصد المماليك )   و يزعمون  أنهم  مجاهدون و  قتلهم الأنفس  و  تجاريهم على  هدم  البنية  الإنسانية  بمجرد  شهواتهم الحيوانية ،  مما سيتلى  عليك  بعضه  بعد و صورة  ترجمة الأوراق المذكورة .






المصدر
عجايب الآثار فى التراجم و الأخبار
عبد الرحمان الجبرتى
الجزء  الرابع  الغزوة الفرنسية
اعداد  و  تحقيق  عبد العزيز جمال الدين
الناشر :  مكتبة  مدبولى
ص 463

السبت، 20 يوليو 2013

الأميرالاى محمد بك عبيد

الصورة الوحيدة التى  عثرت  عليها لمحمد  عبيد  من  جروب  بأسمه  على الفاسبوك 
فى تاريخ  الجيش  المصرى  شخصيات أستثنائية  ..  ليسوا  زعماء  ..  ولكن  لولاهم ما قام الزعماء  بدورهم  ..  شخصيات  تبرق  فجأة  من  وسط الظلام  لتغير  مجرى الأحداث  و التاريخ  بقرار  حاسم  و  جرئ  .. يتحدون  السلطات  و الرتب الأعلى  ،  غير  مبالين  بما  يمكن أن  يحدث  لو  فشلوا  فيما  هم  مقدمين  عليه . من  تلك  الشخصيات  يوسف  صديق  الضابط المصرى الذى  تحرك  مبكرا و  اعتقل  كل القيادات العسكرية  ليفتح الباب  لحركة  يوليو  52  ..  و لولاه لتم  أعتقال  الضباط الأحرار  و ربما  كان قد  تم  اعدامهم ..  و لنا  ان  نتخيل  كيف  كان  مسار التاريخ  لو  تخاذل  يوسف  صديق  أو  تردد ولو  للحظة  ..
من  تلك الشخصيات  الأميرالاى  محمد  بك  عبيد .
كان  احمد  عرابى  و عبد العال  حلمى  و  على  بك فهمى قد  تقدموا بعريضة  الى رئيس النظار ( الوزراء  )  مصطفى  رياض  باشا  بتكليف  من مجموعة  ضخمة  من الضباط المصريين  بالجيش  للشكوى  من سوء  معاملة  الضباط  المصريين  و  تفضيل  الضباط  الجراكسة  عليهم ..و  طالبوا  بعزل  ناظر  (  وزير ) الجهادية  و  زيادة  عدد  افراد الجيش  الى  18000  جندى .
بالطبع  كانت  العريضة  شديدة  الجرأة  و الخطر  ..  و لنا  ان  نتخيل  أن أساليب التخلص  من المعارضين  فى  تلك المرحلة  هو  قتلهم  خفية أو  وضعهم فى  صناديق  حديدية  و  إغراقهم فى النيل  و  على  أفضل الأحوال  يمكن الإكتفاء  بسجنهم  ثم  نفيهم  ..
و  من ثم  انعقد  فى  غرة ربيع الأول سنة 1298 \ 31  يناير  1881م  مجلس  برئاسة الخديو  بعابدين  حضره جميع الباشوات  المستخدمين  و المتقاعدين  من الترك و الجركس  و  قرروا  اعتقال  أحمد عرابى و رفيقيه  و  محاكمته  فى  مجلس  عسكرى  فوق  العادة  و مجازاتهم  بعقاب  صارم  على ان  يكون  من  أعضاء  هذا المجلس  .. رئيس الأركان  أستون  باشا  (  أمريكى )   و  ناظر المدرسة الحربية لارمى باشا  (  فرنسى )  .
فأرسل  ناظر الجهادية  دعوة  للثلاثة  بالحضور  الى  ديوان الجهادية  بقصر النيل  فى  صباح  2  ربيع  اول  1298 \  أول  فبراير  1881 .للأحتفال  بزفاف  شقيقته  جميلة  هانم  ..  و توقع  احمد عرابى  و رفيقيه  و  زملائهم  ان  هناك  مؤامرة  ضدهم.. و بالفعل ذهبوا فى الوقت المعين  الى  ديوان الجهادية  فوجدوه "  غاصا  بجميع الجراكسة  من  رتبة  الملازم  فما  فوقها  الى  رتبة  الفريق  من الباشوات  و  امراء  العسكرية  ،  و رأينا  شبانهم  و بأيديهم الطبنجات  و  كلهم  فى  فرح  و  مرح . فانعقد المجلس  المؤلف  من الباشوات المذكوريين  سابقا  و  تلى  علينا  الأمر  الخديوى  المؤذن  بتوقيفنا  و  محاكمتنا  ثم  نزعت  منا  سيوفنا و ساقونا الى  السجن  فى  قاعة بقصر النيل  و  كان  مرورنا  بين  صفين  من الضباط الجراكسة  المسلحين  بالطبنجات  ثم  جاء  خسرو  باشا  كبير الجراكسة  و وقف  خارج باب  سجننا  و صار  يهزأ  بنا  بقوله  (  ايه  زنبللى هارف  لا )  يعنى  فلاحين  شغالين بالمقاطف  )  احتقارا  بالمصريين  و  حين قفل علينا  باب  الغرفة  قال  رفيقى  على  بك  فهمى  متأوها  لا  نجاة لنا  من الموت و أولادنا  صغار  و  تأثر  تأثرا  شديدا  حتى  كاد يرمى بنفسه  فى النيل  من  نافذة السجن " 
يذكر  محقق  مذكرات  عرابى  د.  عبد المنعم الجميعى أن  عرابى ذكر  انه  كانت  هناك  خطة  لإغتياله  هو  و  من  معه  عن  طريق  استحضار  وابور  الى  قصر النيل قيل انه  كان به  ثلاث  صناديق  من  صاج  بها ثقوب  بقصد  وضعهم  فيها  و  رميهم فى البحر  حسب  عادة  الحكومة  فى  مدة  الخديو  اسماعيل .

ربما  كان  سرد  تلك المقدمة الطويلة  عن الأحداث  ضروريا  لكى  نتخيل  الأجواء التى  تحرك  فيها  الأميرالاى  محمد  بك  عبيد  .

يروى عرابى  فى الفصل الثالث  من  مذكراته  ص 232 تحت  عنوان
فى  كيفية  إخراجنا  من السجن
انه قد  تم  تعيين  ضباط أخرين بدلا  من الثلاثة المقبوض  عليهم  ..  "فلما علم ضابطان الاى  الحرس  المذكور  (  حرس  الخديوى  و الذى  كان يتولاه الاميرالاى على  بك فهمى  ) بما  لحقنا  من الاهانة و السجن  و  تعيين  غيرنا  بدلا  منا،  هاجوا  و  ماجوا  و ثارت  الحمية فى  رؤوسهم  و فى الحال  أمر محمد افندى  عبيد  البكباشى  بضرب  نوبة  طابور للعساكر فاعترضه خورشيد  بك بسمى  قائمقام الألاى المذكور  و  هدده  بقطع  رأسه  و قال له  انا امير الالاى  فلم يلتفت  اليه  بل أمر  بعض  العساكر  بوضعه فى  محله  محفظا  عليه  و  كانت الجنود قد  أصطفت  تحت السلاح فأخذهم  و قصد  قصر النيل لانقاذنا  من السجن فاعترضه  راشد باشا  حسنى الفريق فلم يجد ذلك  نفعا و  كان الخديوى  مشرفا  على العساكر  من شرفة  السلاملك  فامر   ( بروجى قره قول  السراى )  بأن يضرب  نوبة  حضور  الضباط  عند الخديوى  فلم يحضر أحد  بل وقفت  الأورطة الأولى  حكمدارية البكباشى احمد افندى فرج فى  ساحة  عابدين  و  معها بيرق  الألاى و  كان  وقوفها  فى  هيئة  الطابور  لأجل حفظ الخديوى  مما  عسى  أن  يطرأ  من الأمور  .  و أستمرت الأورطتان الأخريان  فى  سيرهما  إلى ان وصلا  إلى  قصر النيل  . فاصدر  البكباشى محمد  عبيد  امره  الى حكمدار  الورطة الثالثة على  افندى  عيسى  البكباشى  بأن  يذهب  بأورطة  غلى الجهة الخلفية من  قصر النيل  و ذهب  هو بأورطة الى الجهة  الأمامية  ثم  عين  فرقة  من العساكر  لاقتحام  الديوان  الذى  أوصدت  ابوابه  و  منافذه  للبحث  عنا  و  اخراجنا من  السجن  فوقع  الرعب  فى  قلوب  امراء  الجهادية  الموجودين  بالديوان  و  اعضاء  المجلس  المعينين  لمحاكمتنا  من الأورباويين  و الجركس  و  طلب  كل  منهم  لنفسه  النجاة  و فى  جملتهم  عثمان باشا  رفقى  ناظر  الجهادية  .  و  هكذا  كل الشكر و الفخر  لبطل  المقدام  و الشجاع  الهمام  محمد أفندى  عبيد  الذى  كان أنقاذنا  من الهلاك  على  يديه و البطل  المقدام  على  افندى عيسى  البكباشى  و  الوطنى الغيور  احمد افندى  فرج  البكباشى "  
و يستمر  عرابى فى  ذكر  أسماء  كل  من  شارك فى  انقاذهم  من الضباط
كما  ذكر  البكباشى  خضر افندى  خضر   الذى  قام  باعتقال  خورشيد باشا  طاهر  و الأميرالاى   خورشيد  بك  نعمان  و  احمد بك  حمدى  الياور  الخديوى  و  تحرك  بالألاى  و  توجه به  من  طرة الى  قصر الني  لإنقاذ  عرابى و رفاقه  ..  و لكن  محمد افندى  عبيد  كان أسبق  الى  انقاذ  عرابى  و  رفاقه  . 
و يكاد  يختفى  ذكر  محمد  عبيد باشا  على  مدار ا لمذكرات الى  ان  يظهر  مرة  اخرى  بعد بدء  المعارك  ضد الإنجليز  للدفاع  عن استقلال  مصر  .  (و لنا  مع  تلك المعارك رسالة  أخرى )

الجمعة، 19 يوليو 2013

نشأة الحزب الوطنى الأولى

عند ذكر الحزب  الوطنى الأن فأول ما يخطر للبال  هو  مبارك ، صفوت الشريف  ،  جمال  مبارك ،  أحمد  عز  !!!!
و لو  رغبنا فى العودة الى الخلف  كثيرا  فسنفكر  فى  مصطفى كامل  بإعتباره  مؤسس  الحزب الوطنى  !
و لكن الحقيقة أن النشأة الأولى  للحزب الوطنى  كانت  فى  نهاية القرن التاسع  عشر  على  يد  أحمد عرابى  و  رفاقه  .. و لكن  من الغريب  أن يسمى  مصطفى  كامل  حزبه بالوطنى أيضا  على  ما  يحمله  من  مشاعرالغضب  تجاه  عرابى .. و الذى  يحمله  وزر  الإحتلال البريطانى لمصر  !
ما علينا  ..
فى الفصل الرابع  من  مذكرات أحمد عرابى و فى  ص 223
و بعنوان
فى  تذمر  الأمة المصرية من التدخل الأجنبى
يقول  عرابى  "لما رأت الأمة المصرية  صيرورة  البلاد  الى  سيطرة الأوربيين  و  نفوذهم  فى  داخليتها  و  ماليتها و  استئثارهم بخيراتها  و  منافعها تذمرت المة  كبيرها و صغيرها من  جراء  ذلك  التداخل  و تألف  حزب  حنفى !!  من العظماء  و الكبراء و العلماء  و النبهاء .. سموا  أنفسهم بالحزب الوطنى و  جعلوا  مركزه فى  مدينة  حلوان و  نشروا  عدة  منشورات  فى الجرائد  الفرنساوية  اشاروا  فيها على الحكومة  بمراعاة منافع  البلاد و  اعلنوا بوجود  الحزب الوطنى و بيان  واجباته و  اظهار  حقوقه و  ان الحكومة لم  تقم  برغائب الأمة  ثم  اعترض  على الدين  لممتاز و  اختصاصه بالضمانة و  طلب  أولا  ان  تعاد الى الحكومة المصرية  جميع  الاملاك  المسماة  بالخديوية ."
و يستمر  عرابى  فى  ذكر  باقى المطالب  و  كانت  كلها  متعلقة  بديون  مصر  و  كيفية  التعامل  معها  للحفاظ  على حقوق  مصر  من النهب  . حتى  يقول
" و لما  علمت الحكومة  بوجود الحزب المذكور  شددت  على  رؤساءه  بالمراقبة و التهديد  فاحتمى  بعضهم  بالدول الأجنبية  كحافظ باشا  و  ولده  محمد  نشأت  بك  فانهما اخذا  حماية  دولة النمسا  و  شاهين  باشا  كنج  فانه  أخذ  حماية  من  حكومة  ايطاليا  و  خرج  من  مصر  خوفا  و  هلعا  و فرارا  و  جبنا  فصدر  امر  الخديوى  فى  14  يونية  سنة  1880  بتجريد  شاهين  باشا  من رتبه  و  القابه الرسمية  بناء  على  تجنسه  بالجنسية الإيطالية "
و يذكر  عرابى  نص  الأمر .

يذكر  محقق  المذكرات  د. عبد المنعم ابراهيم  الجميعى  فى الهامش  .  أن  اعضاء الحزب  قد  نشروا  اول بيان  لهم  فى  4  نوفمبر  عام  1879 و  طبعوا  منه  عشرين  ألف  نسخة و ان  لهذا الحزب  اثر  كبير  فى  ظهور الثورة العرابية  كما  كانت  لجمعية  مصر الفتاة  التى  ظهرت فى الأسكندرية  نفس  الأثر .
و لكن  للأسف  لا  يذكر عرابى فى  مذكراته  تفاصيل  عن  نشأة الحزب  و  لا  كيف  ظهرت الفكرة أو  تفاصيل عن  نشاطه  و  كيف  سارت الأحداث  به  .. و لكن  يرد  ذكره فى المذكرات  من  حين لآخر  .
و لكنه  يذكر  بيان الحزب  فى  ص  403
فنجد فيه  ان  الحزب  حريص  على العلاقات الودادية  الحاصلة بين الحكومة المصرية  و  الباب  العالى  كما  انه  يعترف  بحقوق  الخلافة العثمانية  على  مصر  و لكنه فى  ذات الوقت  يضع  حدودا لها  فيقول  " كما يعتقد هذا الحزب  انه  يحافظ  على امتيازاته  الوطنية  بكل  ما فى  وسعه  و يقاوم  من  يحاول  اخضاع  مصر  و  جعلها  ولاية  عثمانية  " ثم  يؤكد على العلاقات الطيبة  مع أوربا  و  خاصة انجلترا  .. و التى يبدوا  ان  اصحاب الحزب استشعروا  برغبتها فى الهيمنة  .
ثم  أكد الحزب على  خضوعه  للخديوى  ثم  يؤكد  على  رغبة اصحابه فى  ان  تسترد  مصر  ماليتها  من ايدى الأوربيين  حتى  تكون  مصر  للمصريين .
ثم  يؤكد  الحزب  فى البند  الخامس  على  معنى  شديد الأهمية  يعكس  وعى  أصحابه بطبيعة  مصر  و  شعبها  .. فنرى  ان المادة  تقول
" 5- الحزب الوطنى  حزب  سياسى  لا  دينى  فإنه  مؤلف  من رجال  مختلفى  الإعتقاد  و المذهب  و  جميع النصارى  و اليهود  و  من  يحرث  أرض  مصر  و يتكلم  بلغتها  منضم  لهذا الحزب  ، فإنه  لا  ينظر  لاختلاف  المعتقدات و  يعلم  أن الجميع  إخوان  و  حقوقهم فى السياسية  و الشرائع  متساوية  و  هذا  مسلم  عند أخص  مشايخ الزهر  الذين  يعضدون هذا الحزب  و يعتقدون ان الشريعة المحمدية  الحقة  تنهى عن البغضاء  و  تعتبر  الناس  فى المعاملة  سواء  ،و المصريون  لا يكرهون الأورباويين  المقيمين بمصر  من  حيث  كونهم  أجانب  أو  نصارى  ، و إذا  عاشروهم  على  انهم مثلهم  يخضعون  لشرع البلاد  و يدفعون الضرائب  كانوا  من أحب الناس  إليهم  . "
ثم ينتهى البيان  بالتأكيد  على  ان الحزب  يأمل فى  اصلاح البلاد  ماديا  و  أدبيا  و  لا يكون  ذلك  الا  بحفظ الشرائع  و القوانين  و  توسيع  نطاق المعارف  و  إطلاق   الحرية السياسية  التى  يعتبرونها  حياة  للأمة  .



المصدر 
مذكرات الزعيم  أحمد  عرابى
كشف الستار عن الأسرار  فى النهضة  المصرية  المشهورة بالثورة العرابية  
دراسة و  تحقيق  
د.  عبد المنعم  أبراهيم الجميعى  
دار  الكتب  و  الوثائق القومية   

بحث هذه المدونة الإلكترونية