الأربعاء، 19 فبراير 2014

انتفاضة القبط

لم  يترك  المصريون  اى  حكم  مستبد  الا  و  قاموا ضده  بالثورات  عكس  ما يشاع  من  ان المصريين  شعب  مستكين  ..  حدث  ذلك فى  عهد المصريين القدماء  و  الرومان  و كذلك فى العهد  الإسلامى  ..
لم  يذكر  لنا  ابن  تغرى بردى سبب  الثورات التى  قام  بها المصريون و لكنه  اكتفى  بذكرها  و بخبر  قمعها
و  فى  عام 119  للهجرة  و فى  عهد الخليفة هشام  بن عبد الملك   يقول  : "  فقدمها حنظلة بن صفوان ( يقصد  قدم  لمصر  ليتولى  ولايتها ) فى  خامس  من  محرم  سنة  تسع  عشرة و  مائة  ،و تم  أمره  و رتب  أمور  الديار  المصرية  و  دام  بها  الى  سنة  إحدى  و عشرين  و  مائة  ، فيها  انتفض  عليه  قبط  مصر  ، فحاربهم  حنظلة  المذكور  حتى  هزمهم  ، ثم فى  سنة  اثنتين  و  عشرين  و  مائة  قدم  عليه  بمصر  رأس  يزيد  بن  على  زين العابدين  فأمر  حنظلة بتعليقها  و  طيف  بها  ثم  استمر على  امرة  مصر  الى  ان  عزله  عنها  الخليفة  هشام بن  عبد الملك  و ولاه أفريقية. "
المصدر  
النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة   ج 1  صـ 281
تأليف: جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ  

هدم الكعبة و قتل عبد الله بن الزبير

فى عام 73 هـ  انتصر الأمويون على  خلافة  عبد الله بن الزبير  التى  كانت  تسيطر على العراق  و الحجاز.
  فيقول  ابن  تغرى بردى :
" السنة الثامنة  من  ولاية  عبد العزيز  بن  مروان  على  مصر و  هى  سنة  ثلاث  و سبعين -  فيها  قتل أمير المؤمنين  عبد الله بن  الزبير  بن  خويلد  بن  أسد بن عبد العزى بن  قصى  بن  كلاب، أبو  بكر  ، و قيل  أبو  خبيب  ، القرشى الأسدى ، أو ل مولود ولد فى الإسلام  بالمدينة  ، و أمه  أسماء  بنت  أبى  بكر  الصديق  ، له  صحبة  و رواية  ،  حاصره  الحجاج بن  يوسف  الثقفى بالبيت الحرام أشهرا  و  نصب على الكعبة المنجنيق  و رمى به  على  البيت  غير  مرة  حتى  قتل  ابن الزبير  و  صلبه  . قيل إن الحسن  البصرى  سئل عن  عبد الملك بن  مروان  ، فقال  الحسن  :  ما أقول  فى  رجل  الحجاج سيئة  من سيئاته. " 
المصدر  
النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة   ج 1  صـ 189
تأليف: جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ 

الثلاثاء، 18 فبراير 2014

سبب بناء قبة الصخرة و المسجد الأقصى

لفترة  من الحكم الأموى  كانت الدولة الإسلامية  مقسمة فالشام  و  شمال  افريقيا  بيد الأمويين  أما العراق  و الحجازفكانتا  تحت  حكم عبد الله بن الزبير .
و فى سنة  72  من  الهجرة  تم بناء  المسجد  الأقصى  و  قبة  الصخرى  و يروى ابن  تغرى  بردى  عن سبب  بناء المسجد  و القبة فيقول  : " أن  عبد الله  بن الزبير لما  دعا لنفسه  بمكة  فكان  يخطب  فى أيام  منى  و  عرفة  و ينال  من  عبد الملك بن  مروان  و يذكر  مثالب  بنى  أمية  ، و يذكر  أن  جده  الحكم كان  طريد  رسول الله  صلى الله  عليه  و سلم و  لعينه  ، فمال أكثر  أهل الشام الى  ابن الزبير  ، فمنع  عبد الملك  الناس  من  الحج فضجوا ، فبنى  لهم القبة على الصخرة و الجامع الأقصى  ليصرفهم بذلك  عن الحج  و ا لعمرة  ، فصاروا يطوفون حول الصخرة  كما  يطوفون حول الكعبة  و ينحرون يوم العيد ضحاياهم . " 

المصدر  
النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة   ج 1  صـ 188
تأليف: جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ 

عمرو بن العاص و الإختيار

بعد  ان  وقعت  موقعة الجمل  بعث  عمرو  بن العاص  الى  ولديه  عبد الله  و  محمد " فقال  : إنى  قد  رأيت  رأيا  و  لستما باللذين  تردانى عن  رأيى  و لكن  أشيرا  على  ، إنى رأيت  العرب  صاروا  عنزين يضطربان  ،و أنا  طارح  نفسى  بين  جزارى  مكة  و  لست  أرضى  بهذه  المنزلة  ، فإلى اى  الفريقين  أعمد ؟  قال له  ابنه  عبد الله :  إن  كنت لابد  فاعلا  فإلى  على  ، قال  إنى  إن  اتيت  عليا  قال  إنما  انت  رجل  من المسلمين  ، و إن  أتيت  معاوية  يخلطنى  بنفسه  و يشركنى فى أمره  ، فأتى  معاوية  .
و  عن  عروة  و  غيره  قال  :  دعا  عمرو  ابنيه  ، فأشار  عليه  عبد الله  أن  يلزم  بيته  لأنه  أسلم  له  ، فقال  محمد  :  أنت  شريف  من أشراف  العرب  و  ناب  من  أنيابها  ، لا أرى  أن  تتخلف   ، فقال  عمرو  لإبنه عبد الله  :  أما  أنت  فأشرت  على  بما  هو  خير لى فى  آخرتى ، و أما  أنت  يا  محمد  فأشرت  على بما هو انبه  لذكرى ، إرتحلا  فرحلا  ."   



المصدر  
النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة   ج 1  صـ 113
تأليف: جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ 

الاثنين، 17 فبراير 2014

شكوى على بن ابى طالب

" و لما  بلغ   على بن ابى  طالب  مقل  محمد بن ابى  بكر  و  ما  كان من الأمر  بمصر  و  تملك  عمرو  لها  و  اجتماع الناس  عليه  و  على  معاوية  قام فى الناس  خطيبا  فحثهم  على الجهاد  و الصبر  والسير  الى  اعدائهم  من الشاميين  و المصريين  و واعدهم الجرعة بين الكوفة  و الحيرة  . 
فلما  كان من الغد  خرج  يمشى  اليها  حتى  نزلها  فلم  يخرج  اليه  احد  من الجيش  ، فلما كان العشى  بعث  الى  اشراف الناس  فدخلوا  عليه  و  هو  حزين كئيب  فقام فيهم  خطيبا فقال  :  الحمد لله  على  ما قضى  من  أمر  وقدر  من  فعل  ،و ابتلانى بكم  و بمن  لا  يطيع  اذا  امرت  و لا يجيب  اذا  دعوت  ، أو  ليس  عجيبا  أن  معاوية  يدعو الجفاة الطغام  فيتبعونه  بغير  عطاء  و يجيبونه فى السنة  المرتين  و الثلاث  الى  اى  وجه  شاء  !  و أنا  ادعوكم  و انتم  اولو النهى  و بقية الناس  على  معاوية  و  طائفة  من العطاء  فتتفرقون  عنى  و تعصوننى  و  تختلفون  على  ."
و  استقر  الأمر  فيما بعد  لعمرو  بن العاص  بمصر  و أصبحت فى  قبضة  معاوية  بن أبى  سفيان

المصدر  
النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة   ج 1  صـ 111
تأليف: جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ 


غزو عمرو بن العاص الثانى لمصر و مقتل محمد بن أبى بكر

نجح  معاوية  بن  أبى  سفيان  فى  الخلاص  من الرجل القوى  قيس  بن  سعد  بالحيلة و  أغتيال  الأخر  الأشتر  .ز و لم  يبق  الا  محمد  بن أبى  بكر الصديق  والى  مصر  ..  و بمساعدة  بعض  من شيعة  عثمان المقيمين  بخربتا   كما وصفهم  ابن  تغرى  بردى  اعد العدة لدخول  مصر .
فأرسل  عمرو بن العاص  لمحمد بن أبى  بكر قائلا :
" أما بعد  فنح  عنى  بدمك  فإنى  لا  أحب  أن  يصيبك  منى  قلامة  ظفر  ، و الناس بهذه البلاد  قد  إجتمعوا  على  خلافك   (  و  هم  مسلموك )  فأخرج  منها  إنى  لك  من الناصحين .
و  معه  كتاب  معاوية  يقول  يا  محمد  ،  إن  غب  البغى  و الظلم  عظيم الوبال  و سفك الدماء  الحرام من النقمة  فى الدنيا  و الأخرة  ،و إنا  لا  نعلم  أحدا  كان  على  عثمان  أشد  منك  ، فسعيت  عليه  مع الساعين  و  سفكت  دمه  مع السافكين  ، ثم  أنت  تظن  أنى  نائم  عنك  و  ناس   سيئاتك ، -  و  كلام  طويل  من  هذا النمط  حتى  قال  :  و لن  يسلمك  الله  من القصاص  أينما  كنت  و السلام  .  فطوى  محمد الكتابين  و  بعث  بهما الى  على  بن  أبى  طالب  و فى  ضمنهما يستنجده و يطلب  منه المدد  والرجال . فرد  عليه  الجواب  من  عند  على  بن أبى  طالب  بالوصية و الشدة ،و لم  يمده بأحد.
ثم  كتب  محمد  الى  معاوية و  عمرو  كتابا  خشن  لهما فيه  فى القول  ثم  قام  محمد فى الناس  خطيبا  ."
استحث  محمد  بن  أبى  بكر  الناس  على  الخروج الى  الجهاد فى الله  و  خرج  فى  ألفى رجل  .   و  انتهت  المقتلة  بهزيمة  محمد ابن  ابى  بكر  و  دخل  عمرو بن العاص  مصر  غازيا  للمرة الثانية  و لكن فى  مواجهة المسلمين  تلك المرة  .  و  تم القبض  على  محمد بن  ابى  بكر  و  هو  يكاد  يموت  عطشا  فأقبلوا به  على  الفسطاط  " و وثب    أخوه  عبد الرحمن بن  ابى  بكر  الصديق  الى  عمرو  بن العاص  و  كان فى  جنده !!  فقال  :  أيقتل أخى صبرا ؟ فأرسل  عمرو  الى  معاوية  بن  حديج  يأمره  ان  يأتيه  بمحمد بن  ابى  بكر  كرامة لأخيه  عبد الرحمن  بن  ابى  بكر  . فقال  معاوية بن  حديج  :  أيقتل  كنانة  بن  بشر  و  أخلى أنا  محمدا  ؟  هيهات  هيهات  . فقال  محمد  : أسقونى  ماء  ، فقال  معاوية  بن  حديج  :  لا  سقانى الله  ان سقيتك  قطرة  ، إنكم  منعتم  عثمان الماء  ثم  قتلتموه  صائما  فتلقاه الله بالرحيق  المختوم  ،و الله  لأقتلنك  با  بن  أبى  بكر  فليسقك  الله من الجحيم  ، فقال  محمد لمعاوية بن  حديج  : يابن  اليهودية  النساجة  ليس  ذلك  إليك  ، أما  والله  لو  كان سيفى  بيدى  ما بلغتم  بى  هذا  . فقال  معاوية بن  حديج  :  أتدرى  ما  أصنع  بك  ؟  أدخلك فى  جوف  حمار  ثم  أحرقه عليك  بالنار  ، فقال  محمد  :  إن فعلتم  ذلك  لطالما فعلتموه  بأولياء  الله  تعالى  .  ثم  طال  الكلام  بينهما  حتى  أخذ  معاوية  بن  حديج  محمدا  ثم  ألقاه فى  جيفة  حمار  ميت  ثم  حرقه بالنار  ، و قيل  أنه  قطع  رأسه  و أرسله  الى  معاوية  بن  أبى  سفيان بدمشق  و  طيف  به  ، و  هو أول  رأس  طيف  به  فى الإسلام . "  
المصدر  
النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة   ج 1  صـ 109
تأليف: جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ     

الأحد، 16 فبراير 2014

أغتيال الأشتر , إن لله جنودا من عسل .

" و الأشتر أسمه مالك بن الحارث ، قال ابن المظفر فى مرآة الزمان : قال علماء السيرة كابن اسحاق و هشام و الواقدى قالوا : لما اختل امر مصر على محمد بن أبى بكر الصديق و بلغ أمير المؤمنين على بن أبى طالب قال : ما لمصر إلا أحد الرجلين ، صاحبنا الذى عزلناه عنها - يعنى قيس بن سعد بن عبادة - أو مالك بن الحارث - يعنى الأشتر هذا "
" فخرج الأشتر من عند على و أتى رحله و تهيأ للخروج الى مصر ، و كتب عيون معاوية إليه بولاية الأشتر على مصر فشق عليه و عظم ذلك لديه و كان قد طمع فى مصر و علم أن الأشتر متى قدمها كان أشد عليه ، فكتب معاوية الى الخانسيار ( رجل من أهل الخراج و قيل كان دهقان القلزم ) يقول : إن الأشتر واصل الى مصر قد وليها ، فإن أنت كفيتنى إياه لم آخذ منك خراجا ما بقيت ، فأقبل لهلاكه بكل ما تقدر عليه ، فخرج الخانسيار حتى قدم القلزم فأقام به ، و خرج الأشتر من العراق يريد مصر حتى قدم الى القلزم فاستقبله الخانسيار فقال له : انزل فإنى رجل من أهل الخراج و قد أحضرت ما عندى ، فنزل الأشتر فأتاه بطعام و علف و سقاه شربة من عسل جعل فيها سما فلما شربه مات ، و بعث الخانسيار  أخبر بموته معاوية ، فلما بلغ معاوية و عمرو بن العاص موت الأشتر قال عمرو بن العاص إن لله جنودا من عسل ." 

و قد اختلفت روايات تفاصيل إغتيال الأشتر  و قد ذكرها ابن تغرى بردى .
المصدر  
النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة   ج 1  صـ 103
تأليف: جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ 

السبت، 15 فبراير 2014

قيس بن سعد والى مصر و معاوية بن ابى سفيان

"  هو قيس  بن  سعد  بن  عبادة بن  دليم  الأنصارى  الخزرجى  المدنى  ، قال  عنه الذهبى  كان  من النبى  صلى الله  عليه  و سلم  بمنزلة  و له  عدة  أحاديث  ،  روى  عنه  عبد الرحمن  بن  أبى  ليلى  و  عروة  بن الزبير  و الشعبى  و  ميمون  بن  أبى  شبيب  و  غريب  بن  حميد الهمدانى  و  جماعة  "
" ولاه امير  المؤمنين  على  بن أبى  طالب  على  مصر  لما  ولى الخلافة  بعد  قتل  عثمان  و بعثه  الى  مصر  فوص  اليها  فى  مستهل  شهر  ربيع  الأول  سنة سبع  و ثلاثين  ، فدخلها  قيس  و  مهد  امورها  و  استمال  الخارجية بخربتا  من شيعة  عثمان  و رد  عليهم  أرزاقهم  ، و قدموا عليه بمصر  فأكرمهم  و أنعم عليهم  ، و كان  عنده  رأى  و  معرفة  و  دهاء  ، فعظم  على  معاوية  بن  أبى  سفيان  و  عمرو  بن  العاص  ولايته  لمصر  فإنه  كان  من  حزب  على بن  أبى  طالب  رضى الله  عنه  ،  و  اجتهدا  كثيرا  ليخرجاه  منها فلم  يقدرا  على ذلك .  حتى  عمل  معاوية  على  قيس  من قبل  على  بن أبى  طالب  و أشاع  أن  قيسا  من شيعته  و  من  حزبه  ،و أنه  يبعث  اليه بالكتب  و النصيحة  سرا  ،  و لا زال يظهر  ذلك  حتى بلغ  عليا  ، و ساعده  فى  ذلك  محمد بن  أبى  بكر  الصديق  لحبه  لمصر  أو لإمرتها  و عبد الله  بن  جعفر  ،  فمازالا  بعلى  حتى  كتب  لقيس  بن  سعد  يأمره  بالقدوم  عليه  ، و  عزله  عن  مصر  فكانت  ولايته  على  مصر  من  يوم  دخلها  الى  أن  صرف  عنها  اربعة  أشهر  و  خمسة  أيام  و  كان  عزله  فى  خامس  رجب  من  سنة  سبعة  و ثلاثين  و ولى عليها الأشتر  النخعى  . "
و لاحقا يروى بن  تغرى  بردى بعض تفاصيل  ما  حدث  فيقول  : " و  خرج  أمير  المؤمنين إلى  وقعة الجمل  و رجع  الى  الكوفة و  قيس  مكانه ( يقصد  بمصر ) فكان قيس  أثقل  خلق الله على معاوية  بن  أبىسفيان لقربه  من الشام ،  مخافة  أن  يقفل عليه  على  بن  ابى  طالب من العراق  و يقبل  اليه  قيس بأهل  مصر فيقع  معاوية  بينهما فأخذ يخدعه .
فكتب  معاوية  الى  قيس  :  من  معاوية  بن  أبى  سفيان  الى  قيس  بن  سعد بن  عبادة  :  سلام  عليك  ،أما بعد  فإنكم  إن  كنتم  نقمتم  على  عثمان  فى امور  رأيتموها  أو  ضربة  سوط  ضربها أو شتمة  شتمها  أو  فى  سير  سيره  أو  فى  إستعماله  الفئ  فقد  علمتم  ان  دمه  لم يكن  حلالا  لكم  فقد  ركبتم  عظيما  من المر  و  جئتم  شيئا  إدا ،  فتب  الى  الله  يا  قيس  بن سعد  ، فإنك  ممن  أعان  على  قتل  عثمان  ، إن  كانت  التوبة من  قتل  المؤمن  تغنى شيئا  ،  و اما  صاحبك فقد  تيقنا أنه الذى أغرى  به  و  حملهم  على  قتله  حتى  قتلوه  ،و أنه  لم  يسلم  من  دمه  عُظمُ  قومك  ، فإن  إستطعت  أن  تكون  ممن  يطلب بدم  عثمان  فافعل  ، فإن  بايعتنا  على  هذا الأمر  فلك سلطان العراقين  ، و لمن  شئت  من  أهلك  سلطان الحجاز  مادام  لى  سلطان  ،و سلنى  غير  هذا  مما  تحب  ، فإنك  لا  تسألنى  شيئا إلا  اوتيته  ، و أكتب  الى  برأيك  فيما  كتبت   به  إليك  و  السلام  . "

أى  أن  معاوية  حمل  قيس  دم عثمان فى  اول  الخطاب  و سأله التوبة  و  الإنضمام  الى  معاوية  ثم أغراه فى  النهاية  بما تيسر  من  عرض  الدنيا و ما  ليس  له  علاقة  بدم  عثمان  ..  فرد  قيس  على  معاوية  قائلا  :
"أما بعد  فقد  بلغنى  كتابك  و فهمت  ما ذكرت  فيه  ، فأما  ما  ذكرت  من أمر  عثمان فذلك  أمر  لم  أقاربه   و لم  أتنطف  به  (  أى  لم  اتلطخ  به و لم  أتهم  به  )  ، و  أما  قولك  : إن  صاحبى  أغرى الناس  بعثمان  فهذا  أمر  لم  أطلع  عليه  ،و ذكرت  أن  معظم  عشيرتى لم يسلموا  من  دم  عثمان  ، فأول  الناس  فيه  قياما  عشيرتى و لهم أسوة  غيرهم  ، أما  ما ذكرت  من  مبايعتى  إياك  و  ما  عرضت  على  فلى فيه  نظر  و فكرة  و  ليس  هذا  مما يسارع  اليه  ، و أنا  كاف  عنك  و لن  يبدو  لك  من  قبلى شئ  مما  تكره  و  السلام ."  
فرد  معاوية  قائلا
" أما بعد ، فقد قرات  كتابك  فلم  أرك تدنو فأعدك سلما  ،و لم  أرك  مباعدا  فأعدك  حربا  ، و ليس  مثلى  من  يخدع  و بيده  اعنة الخيل  و  معه  اعداد  الرجال  و السلام ."  
فكان رد  قيس  : " أما بعد ، فالعجب  من  أغترارك  بى  يا  معاوية  و  طمعك  فى  ، تسومنى الخروج  عن  طاعة أولى الناس  بالإمرة  ، و أقربهم  بالخلافة  ، و أقولهم  بالحق  ، و أهداهم  سبيلا  ،و أقربهم  إلى رسوله  وسيلة  ، و اوفرهم  فضيلة  ، و تأمرنى  بالدخول  فى  طاعتك  طاعة  أبعد  الناس  من  هذا المر  ،و أقولهم بالزور  و أضلهم سبيلا  ،و  ابعدهم  من الله  و رسوله   ولد  ضالين  مضلين  طاغوت من  طواغيت أبليس  : و اما  قولك  معك  أعنة الخيل  و أعداد الرجال  لتشتغلن  بنفسك  حتى العدم . 
و قال هشام  : و لما  راى  معاوية  أن  قيس  بن سعد  لا يلين  له  كاده  من  قبل  على  و كذا  روى  عبد الله بن أحمد بن  حنبل  باسناده ا هـ .
و قال  هشام  بن  محمد  : عن  أبى  محنف  وزجه  اخر  فى  حديث  قيس  بن  سعد  و  معاوية  ، قال  : فلما  أيس  معاوية  من قيس  بن  سعد  شق  عليه  لما يعرف  من  حزمه  و بأسه  ، فأظهر  للناس  ان  قيسا  قد  بايعه ، و إختلق  معاوية  كتابا  فقرأه  على  أهل  الشام و فيه  :  
أما بعد  لما  نظرت أنه لا يسعنى  مظاهرة  قوم  قتلوا  إمامهم  مُحرٍما مسلما  برا  تقيا  مستغفرا  ،و إنى  معكم  على  قتله  بما  أحببتم  من الموال  و الرجال  متى  شئتم عجلت  اليكم  . 
قال  : فشاع فى أهل  الشام أن  قيسا  قد  بايع  معاوية  و بلغ  عليا  ذلك فأكبره  و أعظمه  " 
و  عزل  على  رضى الله  عنه  قيس  بن  سعد  عن  ولاية  مصر  و  كان  لمعاوية  ما  اراد .

المصدر  
النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة   ج 1  صـ 96  - 98
تأليف: جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ 

الخميس، 13 فبراير 2014

محمد بن ابى حذيفة

ملفتة  جدا  محاولات  الإستقلال بمصر  عن  اى  حكم  أخر  ..  لم  تنتهى  تلك المحاولات  ابدا  و ان  انتهت  غالبا  الى الفشل  بسبب  القوى المسيطرة  .
يذكر  ابن  تغرى بردى فى  كتابه
"  هو  محمد  بن أبى  حذيفة  بن  عتبة بن  ربيعة  بن  عبد شمس  بن  عبد  مناف  ،  وثب  على  مصر  و  ملكها  من  غير  ولاية من  خليفة  فلذلك  لم  يعده  المؤرخون  من  أمراء  مصر  ، و  ما  كان  من  خبره  أنه  جمع  جمعا  و ركب  بهم  على  عقبة  بن  عامر  الجهنى  خليفة  عبد الله بن  أبى  سرح  (  كان  عبد الله بن  سرح  والى  مصر  من قبل  عثمان بن  عفان  رضى الله  عنه  ..  تولى  مصر  نحو 10  سنوات  مدة  خلافة  عثمان بن  عفان  و  كان  قد  استخلف  عقبة بن  عامر  محله على  ولاية  مصر  أثناء  رحلته  الى  عثمان  بن  عفان قبيل  مقتله  )    و قاتله  و  هزمه و أخرجه  من الفسطاط ثم  دعا  الناس  لخلع  عثمان  من الخلافة  و صار  يعدد  أفعاله  بكل  شئ  يقدر  عليه  ، فإعتزله  شيعة  عثمان و قاتلوه  و  هم  :  معاوية  بن حديج و  خارجة  بن  حذافة السهمى  و بُسر  بن  أبى  أرطاة  و  مسلمة  بن  مخلد  فى  جمع  كثير  من الناس  ، و بعثوا  الى  عثمان  بذلك  ،و بينا  أن  يأتى  الخبر  من  عثمان  قويت  شوكة  محمد  هذا  ،  ثم  حضر  من  عند  عثمان  سعد ابن  ابى  وقاص  ليصلح  أمرهم  و يتآلف  الناس  ، فخرج  اليه  جماعة  من  أعوان  محمد  بن أبى  حذيفة   المذكور  و  كلموه و  خاشنوه  ، ثم  قلبوا  عليه فسطاطه   و شجوه  و  نهبوه  ، فركب  من  وقته  و  عاد راجعا  و  دعا  عليهم  لما فعلوه  به  ، ثم  عاد  الى  مصر  عبد الله بن  أبى  سرح  راجعا  فمنعه  أن  يدخل  إلى  مصر    و قاتلوه  فكر  راجعا  الى  عسقلان  ثم قتل  فى  هذه الأيام  بفلسطين  ، و قيل  بالرملة  حسبما  ذكرناه  فى أخر  ترجمته  فى  هذا الكتاب  ،  ثم  أراد محمد  ابن  ابى  حذيفة  أن يبعث  جيشا  إلى  عثمان فجهز  إليه  ستمائة  رجل  عليهم  عبد الرحمن  ابن  عديس  البلوى  ، و بينما  هم  فى  ذلك  إذ  قدم  عليهم الخبر  بقتل  عثمان  رضى الله  عنه  فى  ذى الحجة  من  السنة  ، فلما  وصل الخبر  بذلك  ثار  شيعة عثمان  بمصر  و  عقدوا لمعاوية  بن  حديج و بايعوه  على الطلب  بدم  عثمان  و ساروا  الى  الصعيد  ، فبعث  اليهم  محمد  بن  ابى  حذيفة  جماعة  كثيرة  فتقاتلا  فهزمت  جيش  محمد و  افترقا  ،  و  توجه  معاوية  بأصحابه  إلى  جهة  برقة  فأقام  بها  مدة ثم  عاد الى الإسكندرية  ، فبعث  اليه  محمد ابن  ابى  حذيفة بجيش  اخر  فاقتتلوا بخربتا أول  شهر  رمضان من  سنة  ست  و  ثلاثين فانهزم  جيش  محمد  ايضا  ، و أقامت  شيعة  عثمان  بخربتا  إلى  ان  قدم  معاوية  بن  أيى  سفيان  من الشام  إلى  مصر  ، فخرج  اليه  محمد بن  أبى  حيفة  بأصحابه  و  منعوه الدخول  الى الفسطاط  ، ثم  اتفقا  على  ان  يجعلا  رهنا  و  يتركا الحرب  ، فاستخلف  محمد  ابن  ابى  حذيفة  على  مصر  الحكم  بن  الصلت  و  خرج فى الرهن  هو  و ابن  عديس  و  عدة  من  قتلة  عثمان  فلما  وصلوا  الى  معاوية  قبض  عليهم  و  حبسهم و سار  الى  دمشق  فهربوا من السجن  فتتبعهم أمير  فلسطين  حتى  ظفر  بهم  و  قتلهم فى  ذى الحجة  سنة  ست  و  ثلاثين  ، فلما بلغ الخبر أمير المؤمنين  على  بن ابى  طالب  رضى الله  عنه  بمصاب  محمد  بن  ابى  حذيفة  و لى  على  مصر  قيس  بن سعد  بن  عبادة الأنصارى  رضى الله  عنه . "     


المصدر  
النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة   ج 1  صـ 94
تأليف: جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ 

الأربعاء، 12 فبراير 2014

هل كان لفضل لنا عليه ام هى الدنيا نتكالب عليها

من الحمق  أن  تسيطر على  حياتنا  و  مواقفنا  و  علاقتنا  خلافات  مر  عليها  أكثر  من  1000  عام  ,  خلافات  انتهت  و  لا  يمكن  اعادة  تغيير  نتائجها  ايا  كانت  النتائج  ..  كل  ما يمكننا فعله  هو  ان  نؤسس  لمستقبل  جديد  اذا  استطعنا  .. اما  اذا  لم  نستطع فعلى  الأقل  ان  نحمى  الأجيال  القادمة  من السقوط فى  فى الأفخاخ التى  سقطنا فيها  ..
أقول  هذا  لان الرسائل القليلة القادمة  ستتعرض  بشكل  ما لاحداث  و  شخصيات الفتنة الكبرى  .. تلك الفتنة  التى  لا  يزال بعض الناس  يسبون  بعضهم  بعضا  بسببها  و  احيانا  يصل الخلاف  لدرجة القتل  و  التكفير
الهدف  من  عرض  الرسائل  القادمة  هو ان  نعيد النظر  مرة  اخرى  فيما  حدث  و  كيف  كانت الشخصيات  تتصرف  لعلنا  نستفيد  من  تجاربهم  و  من أحداث التاريخ .
سنرى  بعض  الأحداث  كما وردت  فى  بعض  كتب  التاريخ  كما ذكرها المؤلفون  بدون  زيادة أو  نقصان  و بعيدا عن الأساطير  و  التخيلات التى  تحكم  عقولنا بلا اصول  لا فى التاريخ  و لا  فى الدين  .
ستكون رحلتنا القصيرة  مع  الجزء  الول  من  كتاب النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة  و الذى  كتبه   جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ  و الذى  ولد بالقاهرة و  عاش  بمصر .
 النسخة التى  نعتمد  عليها  هى  من سسلة  تراثنا  الصادرة عن المؤسسة المصرية العامة  للتآليف  و الترجمة و الطباعة و النشر   و قد  صدرت عام  1963


"  قال الذهبى  بعد  كلام  ساقه  : ثم أن  عمرا  قال لمعاوية  -  يعنى فى  أيام  وقعة  صفين  -: يا  معاوية  ،أحرقت  كبدى  بقصصك  ،  أترى  أنا  خالفنا  عليا  لفضلٍ منا  عليه  ؟  .  لا  و الله  ، إن  هى إلا  الدنيا  نتكالب  عليها  ،و أيم  الله  لتقطعن  لى  قطعة من  دنياك  ، أو  لأنابذنك  ، قال  فأعطاه  مصر  ،  يعطى اهلها  عطاءهم و  ما ببقى  فله  .
و يروى  ان  عليا  كتب  إلى  عمرو  يتآلفه  ، فلا  أتاه الكتاب  أقرأه  معاوية  و قال  قد  ترى  ، فإما أن  ترضينى  ، و إما  أن  ألحق  به  !  قال  فما  تريد ؟  قال  :  مصر  ، فجعلها  له  . "  

و بعد  ان  تولى  عمرو بن العاص  ولاية  مصر  فى  عهد  معاوية  بن  ابى  سفيان بعد  اتفاق  ان  يتولاها  سبع  سنوات  ،   مكث بها  نحو  ثلاث  سنين  حتى  مات  . 

المصدر  
النجوم الزاهرة فى  ملوك  مصر  و القاهرة   ج 1  صـ 63
تأليف: جمال  الدين  أبى المحاسن  بن  تغرى بردى  الأتابكى  813 - 874 هـ 

الثلاثاء، 11 فبراير 2014

التل الكبير

هى الموقعة  التى  حسمت الصراع  و  احتل بعدها الإنجليز  مصر  ..
تمت  تلك المعركة  يوم الاربعاء  الموافق  29  شوال  سنة  1299  و  13  سبتمبر  1882
يروى  عرابى  عن  اسباب  الخذلان فى  تلك المعركة الأتى
"  فى  خلال تلك الأيام  كانت الرسائل  تبعث  من  قبل الخديو  إلى  كبراء  الضباط بالوعد  و الوعيد  معلنة  لهم  أن  الجيش  الإنجليزى  لم  يحضر  إلى  مصر  إلا  بأمر  السلطان  خدمة للخديوى  و  تأييد السلطنة و  كانت  توزع  تلك الرسائل  بواسطة  محمد باشا  ابى  سلطان رئيس  مجلس  النواب  و  من  معه  الذين  هم من الإنجليز فى الإسماعيلية  بأمر  الخديو  و بواسطة  الجواسيس  من  ( المصريين )  كأحمد  عبد الغفار  عمدة  تلا  و السيد  الفقى  العضوين فى  مجلس النواب  عن  مديرية  المنوفية  فأثروا  على  قلوب  على بك يوسف ( خنفس )  3جى ميرالاى  و أحمد بك  عبد الغفار  قومندان  السوارى  لشدة  ضغط  ابن  عمه  عليه و  عبد الرحمن  بك  حسن  حكمدار  2جى  الاى  سوارى  و  حسن  بك  رافت  قومندان  الطوبجية و  استمر  ذلك  الى  ان  كانت  ليلة الأربع  13  سبتمبر  سنة  1882  ،  أشاع  على  بك يوسف (  خنفس )  أنه  علم  من  الجواسيس  أن الإنكليز  لا  يخرجون  فى  هذه الليلة  من  مراكزهم  و لذلك  لم يفعل  ما  أمره  به على باشا  الروبى  من  عمل  خط أستحكام  من التراب  و  جمع عساكره فى  نقطة  واحدة  فى شكل  قول  . و  كانت  العساكر الإنكليزية قد سارت  من أول الليل  و فى  مقدمتها  بعض  ضباط أركان  حرب  من المصريين  الذين  انحازوا  إلى الخديوى  بطرف الإنكليز  و أمامهم  عربان  الهنادى  يرشدونهم  الى  الطريق و  استمروا  سائرين إلى ان بلغوا المقدمة فى أخر الليل و كانت  من السوارى  تحت حكمدارية أحمد بك  عبد  الغفار  و  عبد الرحمن بك  حسن   فبدل ان  تناوش  العدو  و توقف  سيره رجعت أمامه  كانها  تقوده  إلى  ان  بلغوا محل  الاى على بك  يوسف  (خنفس )  الذى  كان  خاليا  من  عساكره فمروا بين العساكر  بلا  مانع  يمنعهم  و أطلقوا  النار  على  الإستحكامات  من الخلف  و الأمام  و أوقعوا بالجند  على  حين  كان راقدا فدهشت  العساكر  و تولاها الإنفعال  حسث  رؤوا  ضرب النار  عليهم  من  خلفهم و  أمامهم  برنجى  الاى  بيادة حكمدارية  أحمد بك  فرج  فألقوا  أسلحتهم  و فروا  طالبين النجاة لأنفسهم  إلا  آلاى محمد بك  عبيد (  الذى  استشهد فى المعركة )  و آلاى  عبد القادر  عبد الصمد  فإنهم ثبتوا فى  مراكزهم و قاتلوا  اعدائهم حتى النهاية فأستشهد  منهم  من  أستشهد  و  جرح  من جرح  و صار  الميدان  ظلاما من  دخان البارود و  اختلط الجند المنهزم  بالحيوانات المنتشرة  فى  تلك الصحراء  الواسعة و اشتعلت النار  بعربات السكة الحديدية  التى بها  الذخيرة الحربية  و  ما  جاورها من  عربات المؤونة من  مقذوفات  الطوبجية  السوارى  التى  عمدت  الى  ضرب  المركز العمومى  ."
ربما  كان  عدم الخبرة الكافية  و الدراسة الحقيقية  للقادة المصريين من الأسباب  الأساسية  للهزيمة  و  كذلك  عدم  تدبيرهم لأمور  المعلومات  من  أكثر  من سبيل  و لكن  لنا ان  نتخيل  جيشا يحارب  فى  معركة  و  حكومته  و  حاكمه يتآمرون  ضده  و يتحالفون  مع  العدو الذى  يحاربه  و  يعملون بلا  هوادة  على  تفكيك  الجبهة الداخلية و  استمالة  قادة الجيش  نفسه للتعامل  مع العدو  ..  لا  أعتقد ان  أعظم  جيوش  العالم  يمكنها تحقيق  النصر  فى  تلك الظروف  .
الفيلد مارشال غارنت ولسلي
الملكة فيكتوريا




الخديو توفيق




" و لما ورد على الخديو خبر استيلاء  الإنكليز  على التل  الكبير  سر  سكان الإسكندرية  و وفد الذوات و الأجانب على الخديو  يهنئونه  بالفوز و النصر  و  صدحت الموسيقى الخديوية  بأنغام  التبشير  بالظفر  و  عزفت بالسلام  الخديوى  أمام  سراى الحقانية  فرفعت  العساكر  الإنكليزية  السلاح  تعظيما  و إجلالا  و صرخ الأوربيون  بقولهم  فليحى  توفيق الأول ثم  ختم  ذلك بالدعاء  للخدبو  و  ملكة الإنجليز  و الجنرال  ولسلى  الأيرلندى  و الدولة الإنكليزية و  تفرق القوم  بعد  ذلك  "  
احمد عرابى

المصدر 
مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص700 : 707

الاثنين، 10 فبراير 2014

منشور اعلان الخليفة العثمانى عصيان عرابى ! و المسلمين فى الهند

" صدر منشور  سعيد  باشا  الصدر  الأعظم  (  منصب يقارب  رئيس الوزراء  )  بعصياننا  و قدمه
السلطان الغازي عبد الحميد خان الثاني 
الباب  العالى  لمؤتمر  الآستانة إجابة  لطلب  اللورد دفرين  سفير إنكلترا  لدى الدولة  العثمانية  و  هذا  تعريبه  .
أولا  :  أن  الدولة العلية  السلطانية  تعلن أن  وكيلها الشرعى بمصر  هو  حضرة  فخامتلو دولتلو محمد  توفيق  باشا  .
ثانيا  : أن  أعمال  عرابى  باشا  كانت  مخالفة  لإرادة الدولة  العلية  ثم  التمس  من  جناب  الخديو  فعفا  عنه و  نال  من الحضرة السلطانية العفو  العام .
ثالثا  : أن الشرف  الذى  ناله  أخيرا  من الحضرة  العلية  السلطانية  أنما  كان  من  تصريحه بالطاعة  لأوامر  السلطان المعظم الخليفة الأعظم .
رابعا  : قد  تحقق  الأن  رسميا  أن  عرابى  باشا  رجع  الى زلاته السابقة و استبد برئاسة العساكر  المصرية  بدون  حق  فيكون قد  عرض  نفسه لمسئولية  عظيمة لا سيما أنه  تهدد أساطيل  دولة  حليفة  للدولة العلية  السلطانية  .
خامسا  :  بناء  على  ما  تقدم  يحسب  عرابى  باشا  و  أعوانه  عصاء  ليسوا  على  طاعة الدولة  العلية  السلطانية  .
سادسا  :  تصرف  الدولة  العلية السلطانية  بالنظر  إلى  عرابى  باشا  و رفقائه و أعوانه يكون بصفة  أنهم  عصاة  .
سابعا  يتعين  على  سكان  الأقطار المصرية  حالة  كونهم  رعية  مولانا  و سيدنا  الخليفة  الأعظم  أن  يطيعوا  أوامر  الخديو  المعظم  الذى  هو فى  مصر  وكيل الخليفة  و  كل  من  خالف  هذه  الأوامر  يعرض  نفسه  لمسئولية  عظيمة .
ثامنا : أن  معاملة  عرابى  باشا  و  حركاته  و أطواره  مع  حضرات  السادات الأشراف هى  مخالفة  للشريعة الإسلامية  الغراء مضادة لها بالكلية  . "

كان  هذا المنشور  جزء  من  صفقة  لم  تتم طمحت  الدولة  العثمانية  من  خلالها  الى  ارسال  قوات  لها  إلى مصر  ..  لم يحدث  هذا  بالطبع  و لم  يبق من المنشور  سوى  أثره المدمر  فى الجبهة الداخلية بمصر  فقد  كان المصريون  ينظرون  بتبجيل  و  قدسية للسلطان العثمانى  بإعتباره  خليفة المسلمين  ..  .  كما  ان الغطاء  الشرعى  الذى  كان  يعمل  من  خلاله  عرابى  وقتها  انه  كان  يدافع  عن  حقوق الدولة  العثمانية فى  مصر  .. 
و يذكر  عرابى فى  مذكراته ص 687
" و بعد صدور  منشور  الباب  العالى  بعصياننا  امتنعت  الحكومة الإنجليزية  من الموافقة  على الميثاق  المذكور  حيث  كان  غرض  الإنكليز  من  منشور العصيان  تهدئة  خواطر  مسلمى  الهند  و  منعهم من القيام  لنصرة الإسلام  . و اخذت جريدة التايمس  تحرض  الإنكليز  على الإمتناع  و  زعمت  ان  قد فات  وقت  التداخل  العثماني فى  مصر  .  و لما امتنعت الحكومة الإنكليزية  عن الموافقة  لجأ  الباب  العالى  إلى  وساطة  الدول  فأبت  هذه  ان  تتداخل فى امر الخلاف  " 

و هنا نرى  بعد  اخر  للثورة  العرابية  لم يدركه العديد  مننا و  هو  ان  اثر الثور  تخطى  حدود  مصر  و  وصل الى  الهند  و خشيت  إنكلترا فى  ذلك الوقت  ان  تتهدد  سيادتها على الهند  و  خاصة  ان مسلمى الهند يمثلون  قوة  يحسب  حسابها  

و يقول  عرابى فى  ص  688
" و لما  نشر  منشور السلطان بعصياننا و  من  معنا  بجرنال  الجوائب  إرضاء  للإنكليز ، ارسل  منه  مئات الألوف  إلى الهند و الأوغان (  الأفغان  )  و الحجاز و العراق و الترك  و  مصر  و  المغرب  الأقصى و  جميع بلاد الإسلام بواسطة الإنكليز و  توزع  منه  نسخا كثيرة على  ضباط  الجيش  المصرى فى  جميع المراكز  بواسطة أبو سلطان باشا  (  محمد  سلطان  رئيس  مجلس  النواب )  " 


 ثم  نرى  نتيجة  هذا المنشور


"  تذمر  بعض  الأمراء  العسكرية  و قالوا  أننا  إذا  عصاة  على السلطان  مخالفين  لكتاب  الله  و سنة  رسولة  كما  فعل  محمد  على  باشا  رأس  العائلة الحاكمة  و  ابنه  ابراهيم  باشا  و  من  مات  عاصيا  لا أجر  له  مثل الذين  ماتوا  من المصريين  فى  قتال الدولة  العلية  ، فنصحناهم  بأن  هذا المنشور  مخالف  لأحكام الدين الإسلامى  لأننا  انما نقاتل  أعداء  المسلمين  الذين يريدون  أن  يستولوا  على  بلادنا الإسلامية  .. " 


"  إلا  ان  تلك النصائح  لم  تأثر  فى الذين  يجهلون أحكام الدين  مثل  أحمد  بك  عبد الغفار  قومندان السوارى  و  عبد الرحمن  بك  حسن  حكمدار  2جى الاى سوارى  و  على  بك يوسف  ميرالاى 3جى بيادة  و لكنهم أظهروا  قبول  ما  أوضحناه  لهم و أسروا الغدر  و الخيانة  و الحساب  على الله  . " 


المصدر 
مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص684

الأحد، 9 فبراير 2014

نموذج من حال المعارك بين الإنجليز و الجيش العرابى

ربما يعتقد  البعض  ان الجيش  المصرى  بحاله وقت المعركة  كان  دائم الإنهزام  أمامها  القوات الإنجليزية  .  و لكن الحقيقة  ان  القوات المصرية  أبلت  بلاء  حسنا فى معارك  كثيرة  و  وضعت  القوات الإنجليزية فى العديد  من المواقف  الصعبة  ..  و لكن  الهزيمة  دائما  ما  تأتى من الداخل  قبل الخارج  ..  فالجيش  المصرى لم  يكن  يحارب القوات البريطانية فقط  و لكنه  كان  يحارب  ضد  الخديو  و  أتباعه  و الخونة  و بجبهة  داخلية  منقسمة و  مفككة  و بالطبع  تحت  مظلة  دولة  عثمانية  متخاذلة  .
و ليكن  نموذج  صغير  من  احدى المعارك .
" فى  6 شوال  سنة  1299  الموافق 21  أغسطس  1882  حضر  العدو بقولات من جهة الرمل  و  إبتدأ بإطلاق  المدافع  من الفريقين و كان مشاتنا يسيرون تحت نيران مدافعنا و قبل  أن يصلوا إلى  مواقع المقذوفات تقهقر العدو  و  استمر  اطلاق المدافع إلى الغروب  و  عندما  رأى العدو  نيران  مدافعنا  مؤثرة  فيه  تأثيرا  عظيما انهزم  و  عادت  عساكرنا و لم يصب واحد  منهم بسوء  و قد  أصيب فى  هذه  الواقعة  كثير  من رجال  العدو  كما  تحقق  من  استكشافات  هذا اليوم  ان العدو  ترك الكثير  من القتلى فى الميدان  أمس  .  " 

المصدر 
مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص642

فتح قناة السويس للجيش الإنجليزى

فرديناند ديليسبس
ربما  كانت الأحداث  بعيدة و  تبدو  تفاصيلها  غير  ذات اهمية  الأن  و  لكن  ما أعتقده  ان  تلك التفاصيل الصغيرة ربما ساعدتنا على  اعادة فهمنا و رؤيتنا لما  حدث  و  ربما ساعدتنا  على  قراءة  واقعنا  المعاصر  ..
قيل  لنا  جميعا  كيف  ان  دليسيبس  خدع عرابى  و  وعده  بعدم  فتح القناة  للإنجليز  و بعد  ان  عدل  عرابى  عن  فكرة  ردم القناة  قام  ديلسيبس  بفتحها  اما الأسطول  الإنجليزي  ليتحركوا  الى العمق  المصرى  و  يحسنوا موقفهم  فى المعركة  .

يذكر  عرابى ما  حدث فى  تلك الفترة  فيقول  "  فى  14  يوليو  سنة  1882  ورد  لنا  تلغراف  من المسيو  دليسيبس  مدير  شركة  القنال المذكور  يستعلم  عن رأينا فى القنال  المذكورة  بالنسبة للحركات الحربية  فأجبته  فى التاريخ المذكور  بالتلغراف  أيضا  أننا  نعتبر  القنال  حر للمنافع العمومية الدولية  و لذلك فأنا  لا  نتعرض  له  بضرر  إذا  امكنه  منع المراكب  الحربية  الإنكليزية  من  خرق  حرمة الحياد و  احترامها لقانون الشركة  و إلا  فنكون  أحرارا فى  مقابلتهم بالمثل  .
فورد  تلغراف  فى اليوم  المذكور  يفيد  أنه  ضامن  و  متكفل  بمنع الإنكليز  من  إقتحام  القنال المذكور  مادام  فيه  عرق  ينبض  -  فظننا  ان  فرنسا  تدافع  عن  حقوقها  و  تحافظ  على  حرية القنال  و لا  تلدغ  من جحر  مرتين  .
و لما  كان  استمرار  توارد الإنجليز  و  نزولهم فى السويس  احتج المسيو  دليسيبس  على  ذلك  فاصدر  الخديو  أمرا  مفاده  أن أمير  البحر و قائد القوة  الإنجليزية  العامة  بما أنهما  أتيا  مصر  مأمورين  باعادة الراحة  و النظام  اليها  فهما لذلك  مفوضان  بالحلول  فى  جميع النقط  التى  يرون لزوما للحلول  فيها على قصد  قمع العصاة و قد  توعد  فى  هذا الأمر  من  يخالف  أحكامه بالقصاص  الصارم. "

و برغم اختلاف  المؤرخين  على  ما  اذا  كان دليسيبس  صادقا  فى  وعده  لعرابى  و  حريصا  على  حياد القناة  أم  كان  خادعا  له  ، فالمؤكد  ان الخديو  هو  من أعطى الغطاء  الحقيقى  لإستخدام القنال  من  قبل  الإنكليز  .
ربما  تدور  عدة  أسئلة  عن  السبب  فى  اصغاء  عرابى  لدليسيبس  و  عدم  أصغاءه  لقادته الذين  نصحوه  بضرورة  ردم القنال  .  هل  كان  مصدقا  لوعد  دليسيبس  ؟ هل  لم  يدرك أن  فى الحرب  لا  مجال للوعود و ان الميزان فى  صالح القوة  فقط  ؟  هل  خشى  من  ان  ينقلب  عليه العالم  أكثر  من  هذا  لو  ردم القنال  ؟
لا  اعلم  و لكن  المؤكد ان الأمر  لك لم  يكن  خدعة  دليسيبس  بقدر  ما  كان  خيانة الخديو  .
    المصدر 
مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص631

السبت، 8 فبراير 2014

فلول عبر التاريخ ( نموذج الثورة العرابية )

فى  هذه  الرسالة  سنجد  نموذج  تكرر  كثيرا على  مر  التاريخ  ،  و  قد  رأينا  منه الكثير  عقب  الثورة المصرية  فى  2011  .
لن  نعرض  مقدمة  عرابى  و سنكتفى  بتعريف كاتب  المقال  و  عرض  لأجزاء  من  مقاله  الطويل  .
هو الشيخ  حمزة فتح الله  الإدكاوى  من  ادكو  ،  ولد فى الإسكندرية   عام  1849  و  هو  ينحدر  من سلالة  مغربية  كان يعمل  حائكا  مثل  أبيه  ثم  التحق بالأزهر   و  اتم  دروسه  ثم  انكب  على  دراسة الأدب  و اللغة  و  من  أبرز  مؤلفاته  " المواهب الفتحية  "   ثم انقطع الى  فن الصحافة  فأنشا  جريدة البرهان  ثم  ذهب  مع الخديو  الى  الأسكندرية  حين  تحيزه الى الإنجليز  فكتب  تلك المقال  التى  نشرتها  جريدة الإعتدال  .  يبدأ الشيخ مقاله بالدعاء  
"  ربنا  لا  تهلكنا  بما فعل السفهاء  منا  "... ثم  يصل  فى  موقع  لاحق  لذكر  قوة  الإنجليز و   حداثة  معدات الحرب  لديهم و قدمها و  ضعفها عند ا لمصريين  حتى  يقول  "  فلو  اننا فرضنا المستحيل  من  كون  هذه الحرب  دينية  و الحالة  هذه  و أنها بأمر  الخليفة الأعظم  أو  نائبه  الخديو الأكرم  لوجب  شرعا  مخالفة  أمرهما  بها  لأنها  حينئذ  عبارة  عن  المخاطرة  بالبلاد و العباد  .  و قد  نهانا الله  تعالى  عن  ان  نلقى  بايدينا الى  التهلكة  فكيف  و  هذه الحرب  كما قدمنا  شيطانية  ناشئة عن  حب الذات  و المصلحة الشخصية  كما سيأتى  بيانه  و  عن الجنون  الذى  تظاهر  به الن  عرابى  تخلصا  من  سوء  العاقبة  و  ان  كانت  افعالها  كلها  جنونا  محضا  من البداية للنهاية  على  ان  الحروب  الدينية  المرضية  فى الحقيقة  لله  و  رسوله  لا يتحتم  نصر اربابها  أذ  لا يجب  على الله  تعالى  شئ   و  تلك سنته  عز و  جل فى المرسلين  والأنبياء  ان  تكون الحرب  بينهم  و بين  اعدائهم  سجالا أى  تارة  لهم  و  تارة  عليهم  و  ان  كانت  العاقبة لهم  بلا  ريب  و  ما ذلك  الا لتقتدى لامم باعمالهم  فيبنون المسببات على الأسباب  لأن الشرائع السماوية  خصوصا الشريعة  المحمدية المطهرة  تشوقا  زائدا  لذلك  اى لإبتناء  المسببات  على  اسبابها  حرصا  على الأمة  ان  تغلق  باب  الأسباب  فيختل  نظام  هذا الوجود  و يبطل العمران  و ان  كان الكل  من الله  و  اليه  و  هو  خلقكم  و ما  تعملون  . 
فاما الأن فقد  سد  باب  الخوارق  و المعجزات  اذ  قد  ختمت  النبوة  بمحمد  عليه  الصلاة و  السلام  . 
و اما  الكرامة  فلم  ينصر الله بها الحسين  عليه السلام  و  لا  غيره  من البضعة المقدسة  مع الإجماع  على  كونهم  على الحق  و لعل  عرابى  يزعم  انه اكرم  على الله  من الحسين  و  اضرابه  .  و يا  عجبا  لهذا الجاهل  ( يقصد  عرابى  )  كيف  خاطر  بدماء  المسلمين  و أعراضهم  و بلادهم  استنادا  على  خرافات  المنام  و  أضغاث  الأحلام  فاستمال  بذلك  عقول  الجهال  و فتح باب  الحرب  مع الأجانب  بعد شدة  نهى الخليفة  الأعظم  و  نائبه الخديو الأكرم  عنها  و  مع انه  ليس  لديه  من القوة  سوى  ما ينشره  من الأكاذيب  ،  انك  با  عرابى  لما  وقعت  فى  يدك و يد  جهالك  الآلات  الحربية و صرتم  نفس القوة  التى  من شأنها  أن  تكون  عونا  للحكام  على  تثبيت النظام  و ردع  الأشرار  و ليس  للحكومة  اذ ذاك  قوة  اخرى  تكسر  شوكتكم  امتلئت  نفسك الخبيثة  بالشرور  فطمعت  فى المستحيل  و  ما ليس  لك به  سبيل  و  استعملت  انت  و  احزابك  للحصول على  ذلك  جميع الوسائل  و لكنهم  صاروا بعناية التوفيق  كلما  اوقدوا  نارا  لهذه الحرب  أطفأها الله  .. "
ثم  يقول فى  موضع  أخر  "  و أراك يا  عرابى لو  اصبت  يوم حرب  الإسكندرية  زورقا للإنجليز  فضلا  عن  سفينة  مما زعمته  احزابك  لكبرت  نفسك  عن  دعوى النبوة  فكنت  تدعى الألوهية  و  لا  تعدم  من  يؤمن  بك  من الجهال   ."
ثم فى موضع  أخر  "  و  اعلموا  ايها المصريون  ان  زيادة  النفوذ  الأجنبى  فى  بلادكم  تكون  بقدر  ما  يخسره  فى شأنها  من الدماء  و  الأموال  ، بمعنى  انه لو  انفق درهمين  و  اراق  من الدماء  قطرتين  كان  نفوذه  عليها  اكثر  مما لو  انفق  عليها  من المال  درهما  واحدا  أو  قطرة  واحدة  و  هكذا  كلما  زاد فى الخسارة  زاد النفوذ  .  فان  كان لكم  ما  تخافون  عليه  من  دين  و عرض  و  مال و  وطن  فقللوا  تلك الخسائر  ما  استطعتم  لتأمنوا  على  ذلك  .  و  ها  هو  تقليلها  فى  ايديكم  و لا  وسيلة  لذلك  سوى  ان  تتحد  كلمتكم  على ارجاع البغاة  عن  اعمالهم  أو القبض  عليهم  أو التخلى  عنهم ليستسلموا  أو  يفروا  فتستريح  منهم  العباد و البلاد  . "

ثم فى  موضع  اخر  يختلق القصص  عن  جرائم  لجيش  عرابى  "  فلو  شاهدتم  ما  شاهدناه  حال  المهاجرة  و  كانت  قلوبكم  أقسى  من الصخور  و  دموعكم  أكثر  من البحور  لذابت  قلوبكم  و  نضبت  دموعكم  و  ماذا  كنتم  تصنعون  لو  شاهدتم  حاملا  ادركها المخاض  فى الطريق  فعمدت  الى  حفرة  فى الأرض  فدفنت  جنينها  بالحياة  لتكتفى  مؤنته  و  تنجو  بنفسها  و  تتمكن  من سرعة السير  ثم  لم  تتجاوز  تلك الحفرة  بقليل  حتى  دهمها  الجندى العرابى  فكشف  عورتها  و  جردها  من الحلى  و الحلل  ثم  لم  يكتف بذلك  حتى  راودها  عن  نفسها  فان  ابت  اطلق  عليها الرصاص  من البنادق المنهوبة  و  تركها  مضرجة  بالدماء  مكشوفة العورة  فريسة للهوام  موطئا  للأقدام  و  هى فى  اثناء  ذلك  تصرخ  بالشهادتين و  تنادى بكلمة الإسلام  و  تسمى  نفسها  و  تقول  هل  انتم  تحاربون الإنجليز  أو المسلمين  و المسلمات  فلا  يرحمها الجندى  و  لا  يرثى  لحالها  . "
ثم يسرد الشيخ  قصص  أخرى  من  نفس  النوعية  .  حتى  يصل  بعد  مجموعة  من القصص  البشعة الى قوله
" و لا  ازال  اقول  لكم  ان الإنكليز  لا  قصد  لها  سوى  اعادة الراحة  و  اخضاع الجند  للحاكم الشرعى  نائب امير المؤمنين  و ان الجناب  الخديو  هو  على  الجانب  العظيم  من التقوى و الدين  .  و لستم  تجهلون  ان ديننا المحمدى  قد يكون  تأييده على يد  من  غير  ذويه  و لا  تجهلون  ايضا  ان الجناب الخديو ليس  اول من  نصر الدين  بغير  ذوي  دينه  ... "

و بعد  كثير من الإفتراءات  و التبريرات لطاعة الخديو  و  مهادنة الانجليز  لما  يبقى  للشيخ  سو ى  ان يتهم  عرابى  و رفاقه و  من  يؤيده من ابناء  الشعب  بأنهم  من الحكوكيين  النوشتاء الذين  ينفذون  الأجندة الأمريكية الإسرائيلية  !!!!!!!

المصدر 
مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص616

الخميس، 6 فبراير 2014

تمويل الجيش المصرى لمقاومة الإحتلال الإنجليزى

ذكرنا  فى  رسالة  سابقة  كيف  خان الخديو الجيش  المصرى  و  تخاذل بعض  الضباط  و انضموا  الى  الخديو المساند  لجيش  الإحتلال  .
فكيف  تم  تمويل  الجيش  المصرى  ؟
يقول عرابى فى  مذكراته
" و بناء  على  ما ذكر  تحرر  من المجلس  العام  للمديريات  بتحصيل الأموال من الأهالى  عن  كل  فدان  عشرة  قروش  و من شاء  ان  يتبرع بشئ  إعانة  لاخوانهم المجاهدين  فى  سبيل المدافعة عن  الوطن  يقبل منه  مع اعلان  الشكر  له .
و لما  أعلن  لك  للعموم جاءت  الأمة  عاى  اختلاف  مذاهبها  و  نحلها  بالمال  و الغلال  و الخيل  و الجمال  و الأبقار و الجواميس  و الأغنام  و الفاكهة  و  الخضروات  حتى  حطب  الحريق  و  منهم  موسى  بك  مزار  الرجل الوطنى الكريم  ،  تبرع  بألف  و  ثلثمائة  توب  بفتة  و ثلاثين  عجل  بقر  عن  طيب  نفس  .  و  منهم  والدة  الخديو  اسماعيل  تبرعت  بجميع  خيول  عرباتها  و  اقتدى  بها  باقى  افراد  العائلة الخديوية  و  كذلك  حرم  خيرى باشا  رئيس  الديوان الخديوى  و  حرم  رياض  باشا  و  كثير  من الذوات  و السيدات  فضلا  عن الأقمشة  و الأربطة  اللازمة  للمجاريح  و  من الأهالى  من  تبرع  بنصف  ما  يمتلكه  من الغلال  و المواشى  و  منهم  من  خرج  عن  جميع  ما يمتلكه  و  منهم  من  عرض  أولاده للدفاع  عن  الوطن  العزيز  لعدم  قدرته  لى القتال  بنفسه  و فى الجملة  فان  الامة المصرية  قدمت من التبرعات  و الكرم  و  اظهرت  من الغيرة الوطنية  ما  لم  يسبق له  مثيل  فى القرون الخالية ، فاسأل  الله  سبحانه  ان  يجزى  الأمة  خير  الجزاء  و ان  يرد  لها  استقلالها .
و يذكر  محقق المذكرات فى الهامش  ان  خزانة الدولة  لم  تتكلف  قرشا فى فى  تلك المعركة  .
المصدر
مذكرات  عرابى
كشف الاستار  عن سر الأسرار  فى النهضة المصرية  المشهورة بالثورة  العرابية
دراسة و  تحقيق عبد المنعم  إبراهيم الجميعى
الجزء الثانى 
ص604

بحث هذه المدونة الإلكترونية