" هو قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصارى الخزرجى المدنى ، قال عنه الذهبى كان من النبى صلى الله عليه و سلم بمنزلة و له عدة أحاديث ، روى عنه عبد الرحمن بن أبى ليلى و عروة بن الزبير و الشعبى و ميمون بن أبى شبيب و غريب بن حميد الهمدانى و جماعة "
" ولاه امير المؤمنين على بن أبى طالب على مصر لما ولى الخلافة بعد قتل عثمان و بعثه الى مصر فوص اليها فى مستهل شهر ربيع الأول سنة سبع و ثلاثين ، فدخلها قيس و مهد امورها و استمال الخارجية بخربتا من شيعة عثمان و رد عليهم أرزاقهم ، و قدموا عليه بمصر فأكرمهم و أنعم عليهم ، و كان عنده رأى و معرفة و دهاء ، فعظم على معاوية بن أبى سفيان و عمرو بن العاص ولايته لمصر فإنه كان من حزب على بن أبى طالب رضى الله عنه ، و اجتهدا كثيرا ليخرجاه منها فلم يقدرا على ذلك . حتى عمل معاوية على قيس من قبل على بن أبى طالب و أشاع أن قيسا من شيعته و من حزبه ،و أنه يبعث اليه بالكتب و النصيحة سرا ، و لا زال يظهر ذلك حتى بلغ عليا ، و ساعده فى ذلك محمد بن أبى بكر الصديق لحبه لمصر أو لإمرتها و عبد الله بن جعفر ، فمازالا بعلى حتى كتب لقيس بن سعد يأمره بالقدوم عليه ، و عزله عن مصر فكانت ولايته على مصر من يوم دخلها الى أن صرف عنها اربعة أشهر و خمسة أيام و كان عزله فى خامس رجب من سنة سبعة و ثلاثين و ولى عليها الأشتر النخعى . "
و لاحقا يروى بن تغرى بردى بعض تفاصيل ما حدث فيقول : " و خرج أمير المؤمنين إلى وقعة الجمل و رجع الى الكوفة و قيس مكانه ( يقصد بمصر ) فكان قيس أثقل خلق الله على معاوية بن أبىسفيان لقربه من الشام ، مخافة أن يقفل عليه على بن ابى طالب من العراق و يقبل اليه قيس بأهل مصر فيقع معاوية بينهما فأخذ يخدعه .
فكتب معاوية الى قيس : من معاوية بن أبى سفيان الى قيس بن سعد بن عبادة : سلام عليك ،أما بعد فإنكم إن كنتم نقمتم على عثمان فى امور رأيتموها أو ضربة سوط ضربها أو شتمة شتمها أو فى سير سيره أو فى إستعماله الفئ فقد علمتم ان دمه لم يكن حلالا لكم فقد ركبتم عظيما من المر و جئتم شيئا إدا ، فتب الى الله يا قيس بن سعد ، فإنك ممن أعان على قتل عثمان ، إن كانت التوبة من قتل المؤمن تغنى شيئا ، و اما صاحبك فقد تيقنا أنه الذى أغرى به و حملهم على قتله حتى قتلوه ،و أنه لم يسلم من دمه عُظمُ قومك ، فإن إستطعت أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل ، فإن بايعتنا على هذا الأمر فلك سلطان العراقين ، و لمن شئت من أهلك سلطان الحجاز مادام لى سلطان ،و سلنى غير هذا مما تحب ، فإنك لا تسألنى شيئا إلا اوتيته ، و أكتب الى برأيك فيما كتبت به إليك و السلام . "
أى أن معاوية حمل قيس دم عثمان فى اول الخطاب و سأله التوبة و الإنضمام الى معاوية ثم أغراه فى النهاية بما تيسر من عرض الدنيا و ما ليس له علاقة بدم عثمان .. فرد قيس على معاوية قائلا :
"أما بعد فقد بلغنى كتابك و فهمت ما ذكرت فيه ، فأما ما ذكرت من أمر عثمان فذلك أمر لم أقاربه و لم أتنطف به ( أى لم اتلطخ به و لم أتهم به ) ، و أما قولك : إن صاحبى أغرى الناس بعثمان فهذا أمر لم أطلع عليه ،و ذكرت أن معظم عشيرتى لم يسلموا من دم عثمان ، فأول الناس فيه قياما عشيرتى و لهم أسوة غيرهم ، أما ما ذكرت من مبايعتى إياك و ما عرضت على فلى فيه نظر و فكرة و ليس هذا مما يسارع اليه ، و أنا كاف عنك و لن يبدو لك من قبلى شئ مما تكره و السلام ."
فرد معاوية قائلا
" أما بعد ، فقد قرات كتابك فلم أرك تدنو فأعدك سلما ،و لم أرك مباعدا فأعدك حربا ، و ليس مثلى من يخدع و بيده اعنة الخيل و معه اعداد الرجال و السلام ."
فكان رد قيس : " أما بعد ، فالعجب من أغترارك بى يا معاوية و طمعك فى ، تسومنى الخروج عن طاعة أولى الناس بالإمرة ، و أقربهم بالخلافة ، و أقولهم بالحق ، و أهداهم سبيلا ،و أقربهم إلى رسوله وسيلة ، و اوفرهم فضيلة ، و تأمرنى بالدخول فى طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا المر ،و أقولهم بالزور و أضلهم سبيلا ،و ابعدهم من الله و رسوله ولد ضالين مضلين طاغوت من طواغيت أبليس : و اما قولك معك أعنة الخيل و أعداد الرجال لتشتغلن بنفسك حتى العدم .
و قال هشام : و لما راى معاوية أن قيس بن سعد لا يلين له كاده من قبل على و كذا روى عبد الله بن أحمد بن حنبل باسناده ا هـ .
و قال هشام بن محمد : عن أبى محنف وزجه اخر فى حديث قيس بن سعد و معاوية ، قال : فلما أيس معاوية من قيس بن سعد شق عليه لما يعرف من حزمه و بأسه ، فأظهر للناس ان قيسا قد بايعه ، و إختلق معاوية كتابا فقرأه على أهل الشام و فيه :
أما بعد لما نظرت أنه لا يسعنى مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مُحرٍما مسلما برا تقيا مستغفرا ،و إنى معكم على قتله بما أحببتم من الموال و الرجال متى شئتم عجلت اليكم .
قال : فشاع فى أهل الشام أن قيسا قد بايع معاوية و بلغ عليا ذلك فأكبره و أعظمه "
و عزل على رضى الله عنه قيس بن سعد عن ولاية مصر و كان لمعاوية ما اراد .
" ولاه امير المؤمنين على بن أبى طالب على مصر لما ولى الخلافة بعد قتل عثمان و بعثه الى مصر فوص اليها فى مستهل شهر ربيع الأول سنة سبع و ثلاثين ، فدخلها قيس و مهد امورها و استمال الخارجية بخربتا من شيعة عثمان و رد عليهم أرزاقهم ، و قدموا عليه بمصر فأكرمهم و أنعم عليهم ، و كان عنده رأى و معرفة و دهاء ، فعظم على معاوية بن أبى سفيان و عمرو بن العاص ولايته لمصر فإنه كان من حزب على بن أبى طالب رضى الله عنه ، و اجتهدا كثيرا ليخرجاه منها فلم يقدرا على ذلك . حتى عمل معاوية على قيس من قبل على بن أبى طالب و أشاع أن قيسا من شيعته و من حزبه ،و أنه يبعث اليه بالكتب و النصيحة سرا ، و لا زال يظهر ذلك حتى بلغ عليا ، و ساعده فى ذلك محمد بن أبى بكر الصديق لحبه لمصر أو لإمرتها و عبد الله بن جعفر ، فمازالا بعلى حتى كتب لقيس بن سعد يأمره بالقدوم عليه ، و عزله عن مصر فكانت ولايته على مصر من يوم دخلها الى أن صرف عنها اربعة أشهر و خمسة أيام و كان عزله فى خامس رجب من سنة سبعة و ثلاثين و ولى عليها الأشتر النخعى . "
و لاحقا يروى بن تغرى بردى بعض تفاصيل ما حدث فيقول : " و خرج أمير المؤمنين إلى وقعة الجمل و رجع الى الكوفة و قيس مكانه ( يقصد بمصر ) فكان قيس أثقل خلق الله على معاوية بن أبىسفيان لقربه من الشام ، مخافة أن يقفل عليه على بن ابى طالب من العراق و يقبل اليه قيس بأهل مصر فيقع معاوية بينهما فأخذ يخدعه .
فكتب معاوية الى قيس : من معاوية بن أبى سفيان الى قيس بن سعد بن عبادة : سلام عليك ،أما بعد فإنكم إن كنتم نقمتم على عثمان فى امور رأيتموها أو ضربة سوط ضربها أو شتمة شتمها أو فى سير سيره أو فى إستعماله الفئ فقد علمتم ان دمه لم يكن حلالا لكم فقد ركبتم عظيما من المر و جئتم شيئا إدا ، فتب الى الله يا قيس بن سعد ، فإنك ممن أعان على قتل عثمان ، إن كانت التوبة من قتل المؤمن تغنى شيئا ، و اما صاحبك فقد تيقنا أنه الذى أغرى به و حملهم على قتله حتى قتلوه ،و أنه لم يسلم من دمه عُظمُ قومك ، فإن إستطعت أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل ، فإن بايعتنا على هذا الأمر فلك سلطان العراقين ، و لمن شئت من أهلك سلطان الحجاز مادام لى سلطان ،و سلنى غير هذا مما تحب ، فإنك لا تسألنى شيئا إلا اوتيته ، و أكتب الى برأيك فيما كتبت به إليك و السلام . "
أى أن معاوية حمل قيس دم عثمان فى اول الخطاب و سأله التوبة و الإنضمام الى معاوية ثم أغراه فى النهاية بما تيسر من عرض الدنيا و ما ليس له علاقة بدم عثمان .. فرد قيس على معاوية قائلا :
"أما بعد فقد بلغنى كتابك و فهمت ما ذكرت فيه ، فأما ما ذكرت من أمر عثمان فذلك أمر لم أقاربه و لم أتنطف به ( أى لم اتلطخ به و لم أتهم به ) ، و أما قولك : إن صاحبى أغرى الناس بعثمان فهذا أمر لم أطلع عليه ،و ذكرت أن معظم عشيرتى لم يسلموا من دم عثمان ، فأول الناس فيه قياما عشيرتى و لهم أسوة غيرهم ، أما ما ذكرت من مبايعتى إياك و ما عرضت على فلى فيه نظر و فكرة و ليس هذا مما يسارع اليه ، و أنا كاف عنك و لن يبدو لك من قبلى شئ مما تكره و السلام ."
فرد معاوية قائلا
" أما بعد ، فقد قرات كتابك فلم أرك تدنو فأعدك سلما ،و لم أرك مباعدا فأعدك حربا ، و ليس مثلى من يخدع و بيده اعنة الخيل و معه اعداد الرجال و السلام ."
فكان رد قيس : " أما بعد ، فالعجب من أغترارك بى يا معاوية و طمعك فى ، تسومنى الخروج عن طاعة أولى الناس بالإمرة ، و أقربهم بالخلافة ، و أقولهم بالحق ، و أهداهم سبيلا ،و أقربهم إلى رسوله وسيلة ، و اوفرهم فضيلة ، و تأمرنى بالدخول فى طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا المر ،و أقولهم بالزور و أضلهم سبيلا ،و ابعدهم من الله و رسوله ولد ضالين مضلين طاغوت من طواغيت أبليس : و اما قولك معك أعنة الخيل و أعداد الرجال لتشتغلن بنفسك حتى العدم .
و قال هشام : و لما راى معاوية أن قيس بن سعد لا يلين له كاده من قبل على و كذا روى عبد الله بن أحمد بن حنبل باسناده ا هـ .
و قال هشام بن محمد : عن أبى محنف وزجه اخر فى حديث قيس بن سعد و معاوية ، قال : فلما أيس معاوية من قيس بن سعد شق عليه لما يعرف من حزمه و بأسه ، فأظهر للناس ان قيسا قد بايعه ، و إختلق معاوية كتابا فقرأه على أهل الشام و فيه :
أما بعد لما نظرت أنه لا يسعنى مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مُحرٍما مسلما برا تقيا مستغفرا ،و إنى معكم على قتله بما أحببتم من الموال و الرجال متى شئتم عجلت اليكم .
قال : فشاع فى أهل الشام أن قيسا قد بايع معاوية و بلغ عليا ذلك فأكبره و أعظمه "
و عزل على رضى الله عنه قيس بن سعد عن ولاية مصر و كان لمعاوية ما اراد .
المصدر
النجوم الزاهرة فى ملوك مصر و القاهرة ج 1 صـ 96 - 98
تأليف: جمال الدين أبى المحاسن بن تغرى بردى الأتابكى 813 - 874 هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق