الأربعاء، 6 مارس 2013

التحولات فى السبعينات !




التحولات التى  حدثت فى المجتمع المصرى  فى  نهاية السبعينات  كادت  ان  تكون تحول من النقيض  للنقيض  ,  التحول  من الرغبة فى ان تكون  مجتمع  منتج   إلى الإستسلام  لفكرة  الإستهلاك  , التحول  من فكرة القيم العلمية و الفكرية و الإجتماعية الراسخة  حتى  ذلك الوقت  إلى  قيم  مادية  حيث  اللى  معاه  قرش  يسوى  قرش  ..  التحول  من  فكرة المقاومة إلى الإستسلام بإسم  السلام  ,  من العداء  لأمريكا  إلى الهرولة تجاهها.  
قام العديد  من الباحثين  بدراسة  تلك الحقبة  كما  عبر  عنها الفن  السينمائى فى  حينها  بأفلام منها  أهل  القمة  عن رواية  نجيب  محفوظ و  زمن  حاتم  زهران   و  غيرهم  من الأفلام . 
ولكن فى  كتاب  عواصف  الحرب  و عواصف السلام  ,  يقوم  هيكل فى عرض  صغير  جدا فى  ثلاث  صفحات على الأكثر  بشرح الجهود المبذولة  لتحقيق تلك التحولات  من الغرب  و  من القيادة السياسية  فى  مصر .
يشرح  هيكل  طبيعة الصدمة التى  عانى  منها المثقف  العربى  عقب  نكسة  67 حيث  كانت  تلك الصدمة من العوامل  التى  مهدت  لما  حدث  بعد  ذلك .
يقول  هيكل  انه فى  عام 1974 دعى مفكرون و مثقفون  عرب الى  ما يزيد  عن 600 ندوة و  لقاء فكرى فى امريكا  و  اوربا ,  كانت الندوات  عن ا لنظام العالمى  الجديد و  عن العلاقة بين  الشرق  و الغرب  أو  أزمة الصراع العربى الإسرائيلى أو التعاون  فى  حوض  البحر الأبيض  المتوسط .
"كانت  تذاكر  السفر  جاهزة ، و الغرف  فى الفنادق  محجوزة ،و أوراق  العمل تغطى شيئا  أشبه  ما يكون  بالألغام المعبأة  بغازات  أعصاب  .  و فى البداية كان  هناك  مشاركون  من اليهود  , ثم  مشاركون  إسرائيليون من  أحزاب  السلام  ،  ثم  مشاركون  إسرائيليون من الأحزاب  الحاكمة . و راحت الثلوج  تذوب  . بل  و  أصبح  حجم الدعوات  إلى الندوات  الدولية الواصلة إلى اى  مفكر  أو  مثقف عربى  معيارا  لقياس  أهميته و حداثته "
لم  يشر  هيكل هنا  إلى  تأثير  تلك الحياة  على  مثقفين  يعيشون فى بلادهم فى  ظروف  صعبة و يعانون  من القمع السياسى و الإقتصادى  .
يكمل  هيكل  فى  فقرة  لاحقة  " كان  تطويع الفكر  العربى معركة من  أهم  المعارك فى التمهيد  للتسوية  , و  لم  يكن  مهما أن  يجئ  السلام , و  إنما كان الأهم  أن  تتهاوى بعض  القيود التى  كانت  تفرضها( المقدسات \ المحرمات )"
يوضح  هيكل فى  فقرة  لاحقة  ان أربع  جامعات أمريكية قد صرفت فى  عام  واحد ما يصل إلى 140 مليون  دولار على  تلك  الندوات  ما بين فنادق  و إقامة و  تذاكر سفر  و  مكافآت للمشاركين !!!
يمكن  أن  نتذكر أيضا  محولة القيادة السياسية للتخفف  من أعباء  المقاومة و الإلتزام  بالقضية الفلسطينية  .  بداية  من  التخفيف من إدانة الصهاينة ثم  إدانة الفلسطينيين  أنفسهم  بتهمة  تم المبالغة  فيها  بشكل  غير  عادى  انهم  هم  من باعوا  اراضيهم  للفلسطينيين.. 
يكمل  هيكل  فى  فقرة لاحقة " و أخيرا  زاد  على الصورة أن بعض  المقربين  الجدد من الرئيس  السادات خطر  لهم أن  لديهم  ما  يمكن أستغلاله فى تسهيل مرور تحولات واسعة فى نفوس الناس و فى مجموعة ما استقر فى وعيهم من قيم ( بالذات فى المجال الإجتماعى ).
و كانت البداية عملية تشجيع للتيارات الدينية بين الشباب , قصد لها أن تتركز فى الجامعات بين الشباب لكى تقدم أفكارا قادرة على طرد أفكار أخرى ، و بذلك يمكن أن يخف ضغط الشباب على العمل السياسى و قراراته . و كانت النتيجة على أرض الواقع أن اتجاهات فكرية دخلت فى صدام مع اتجاهات أخرى . ثم خرج الأمر عن نطاق صدام الأفكار , و إذا هو يصل إلى إشتباك بالأيدى و بجنازير الحديد و بالسلاح الأبيض داخل حرم الجامعة .
و بالتوازى  مع  ذلك بدأت المؤسسة الدينية  الرسمية تُسّتَخدَمْ ضد  المثل  العليا  لإسلام  و  من بينها  مثل المساواة و  مثل العدل الإجتماعى و  كان الإنقضاض  على الماضى  دون  حدود  . .. "
و يستكمل  هيكل  "  حتى  وصل الأمر  بقمة  المؤسسة الدينية  أن  تفتى بأن السلام  مع إسرائيل حلال بغير  تحرز و بغير  شروط و بغير  إضافة فى النهاية  بأن الله  أعلم  "


المصدر  مجموعة المفاوضات السرية بين  العرب  و اسرائيل 

الكتاب  الثانى

عواصف  الحرب و  عواصف السلام

محمد  حسنين  هيكل 

دار  الشروق 
ص  302 : 306


ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية