السبت، 8 أبريل 2017

حماقة الأبن و حسرة الأب

خرج العباس بن احمد بن طولون على ابيه ، و عجز ابن الطولون عن استمالة ابنه و التصالح معه و كانت معركة فى  النهاية تم اسر العباس و اصحابه فى نهايتها ، و عاد جيش ابن طولون بالأسرى الى القاهرة و على رأسهم العباس بن احمد بن طولون .
و اتجهوا بهم الى الميدان . فأمر ابن طولون ببناء دكة عظيمة السمك عالية خارج الميدان . فلما تمت صعد عليها و جلس وحده و معه خواص غلمانه .
و دعا اصحاب ابنه العباس و أمر بالعباس و دفع اليه سيفا و امره بتقطيع ايدى و ارجل اصحابه . فلما فرغ العباس من قطع ايدى أصحابه دعا به أبوه .
و قال له : قبح الله هذا من رأى و عقل ، ويل لك بهذا العقل و بهذا الرأى قدرت الرياسة ؟
يا ويلك .. لم لم تجعل العوض من مبادرتك و تسرعك إلى قطع أيدى أصحابك هؤلاء ، استلقاءك بين يدى ، و تضرعك إلى ، و مسألتك إياى الصفح عنهم و عنك ، و العفو عن جميعكم ؟ فكان ذلك أجل لك ،و أعظم لمحلك ،و أكبر لمنزلتك ؟ و تقضى بذلك حق من حمل نفسه في طلب مرضاتك ،و مساعدتك على خطة الهلاك فيها ، و قد فارق وطنه و أهله و ولده ، و تبعك فى هواك ، فجعلت ، يا ويلك ، مجازاته على ما تحمله فيك من المكروه ، قطع يديه و رجليه بيدك، ثم إيتام ولده و إرمال عياله، و لكن ما وفقت لما تأتيه فتصونهم عما حل بهم منك منة عليك ، و عزيز على أن يكون هذا وزنك و مقدار عقلك.
فلما تفرق الجمع أمر به فبطح ، و ضربه بيده مائة مقرعة ، فكان يضربه و دموعه تنحدر كأنه المضروب و أمر بإعتقاله فى داره.
صـ 269
سيرة احمد بن طولون
تأليف ابى محمد عبد الله بن محمد المدينى البلوى
 حققها محمد كرد على
اصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة \ سلسلة الذخائر 55

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية