يروى فريد فى مذكراته
" فى يوم الخميس 3 مايو سنة 1917 قابلت المسيو هوبتمان Hauptmann العضو فى مجلس النواب بروسيا و تكلمنا بخصوص بغداد و ضياعها و سألته عما يعلمه بخصوص نوايا اللمان نحو مساعدة الدولة فى هذه الجهة ، فقال ما ملخصه : أن الذنب فى هذا الإنحدار العظيم واقع على رجال الدولة .لأن كبار الضباط الأتراك تعجرفوا و تكبروا على ضباط الألمان ، بل و أساءوا معاملتهم و أهانوهم خصوصا بعد الإنتصار على الإنكليز فى كوت الإمارة فى أخر ابريل 1916 ، فأنهم كانوا يقولون للألمان أنفسهم ان الفضل فى هذا الإنتصار للأتراك دون الألمان ، و زاد كبرهم و خيلائهم و بلغ منهم التعنت مع الألمان إلى انهم كانوا يكلفون بعض ضباط الألمان باعمال حربية مستحيلة عقلا ، كانوا يكلفون ضابطا بمهاجمة مكان بقوة قليلة و يعطون كل عسكرى ثلاثة خراطيش فقط ، و لما يبدى الألمانى ملاحظة على قلة الذخيرة يقول له الضابط الكبير التركى انكم تخافون الهجوم بالسلاح الأبيض و انكم لا تنجحون الا بكثرة الذخائر و ليست هذه بالشجاعة الحقيقية و يأمره بالسير ، فيضطر الألمانى للإطاعة ، وبالطبع لا ينجح فى عمله و يعود بالفشل فيزيد لوم التركى له . و قد سمعت هذه التفصيلات من ضباط كانوا هناك و قصوها على فى نفس نظارة الحربية هنا ، و لما وصلت هذه الأخبار الى الحكومة الألمانية سحبوا جنودهم و ضباطهم تدريجيا و تركوا الأتراك يفعلون ما يريدون بدون مساعدة ، فساءت الحالة و انكسروا هذا الإنكسار الشنيع . سألته ماذا تنوون الأن ؟ هل تتركون بغداد فى ايدى الإنكليز مع ان استردادها فى صالحكم كما هو فى صالح الدولة ؟ فقال: ليست النية موجهة الأن الى ارسال مدد الى العراق بل الهمة مبذولة كلها الى الوجهة الغربية ، فان تم الانتصار هناك امكن استرجاع هذه الجهات بسهولة و كذلك لو حصل صلح مع الروسيا كان استرجاعها اسهل !!!
صـ 359
أوراق محمد فريد
المجلد الأول
مذكراتى بعد الهجرة ( 1904 - 1919 )
الهيئة المصرية العامة للكتاب
سلسلة مركز وثائق و تاريخ مصر المعاصر
" فى يوم الخميس 3 مايو سنة 1917 قابلت المسيو هوبتمان Hauptmann العضو فى مجلس النواب بروسيا و تكلمنا بخصوص بغداد و ضياعها و سألته عما يعلمه بخصوص نوايا اللمان نحو مساعدة الدولة فى هذه الجهة ، فقال ما ملخصه : أن الذنب فى هذا الإنحدار العظيم واقع على رجال الدولة .لأن كبار الضباط الأتراك تعجرفوا و تكبروا على ضباط الألمان ، بل و أساءوا معاملتهم و أهانوهم خصوصا بعد الإنتصار على الإنكليز فى كوت الإمارة فى أخر ابريل 1916 ، فأنهم كانوا يقولون للألمان أنفسهم ان الفضل فى هذا الإنتصار للأتراك دون الألمان ، و زاد كبرهم و خيلائهم و بلغ منهم التعنت مع الألمان إلى انهم كانوا يكلفون بعض ضباط الألمان باعمال حربية مستحيلة عقلا ، كانوا يكلفون ضابطا بمهاجمة مكان بقوة قليلة و يعطون كل عسكرى ثلاثة خراطيش فقط ، و لما يبدى الألمانى ملاحظة على قلة الذخيرة يقول له الضابط الكبير التركى انكم تخافون الهجوم بالسلاح الأبيض و انكم لا تنجحون الا بكثرة الذخائر و ليست هذه بالشجاعة الحقيقية و يأمره بالسير ، فيضطر الألمانى للإطاعة ، وبالطبع لا ينجح فى عمله و يعود بالفشل فيزيد لوم التركى له . و قد سمعت هذه التفصيلات من ضباط كانوا هناك و قصوها على فى نفس نظارة الحربية هنا ، و لما وصلت هذه الأخبار الى الحكومة الألمانية سحبوا جنودهم و ضباطهم تدريجيا و تركوا الأتراك يفعلون ما يريدون بدون مساعدة ، فساءت الحالة و انكسروا هذا الإنكسار الشنيع . سألته ماذا تنوون الأن ؟ هل تتركون بغداد فى ايدى الإنكليز مع ان استردادها فى صالحكم كما هو فى صالح الدولة ؟ فقال: ليست النية موجهة الأن الى ارسال مدد الى العراق بل الهمة مبذولة كلها الى الوجهة الغربية ، فان تم الانتصار هناك امكن استرجاع هذه الجهات بسهولة و كذلك لو حصل صلح مع الروسيا كان استرجاعها اسهل !!!
صـ 359
أوراق محمد فريد
المجلد الأول
مذكراتى بعد الهجرة ( 1904 - 1919 )
الهيئة المصرية العامة للكتاب
سلسلة مركز وثائق و تاريخ مصر المعاصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق