الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

نموذج من القيادة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى

يروى فريد  فى مذكراته
"  فى  يوم الخميس  3 مايو  سنة 1917  قابلت المسيو هوبتمان Hauptmann  العضو  فى مجلس  النواب بروسيا و  تكلمنا بخصوص بغداد  و ضياعها  و سألته  عما يعلمه  بخصوص نوايا اللمان  نحو  مساعدة  الدولة فى  هذه الجهة  ، فقال ما  ملخصه  : أن الذنب فى  هذا الإنحدار  العظيم  واقع  على رجال الدولة  .لأن  كبار  الضباط الأتراك تعجرفوا  و  تكبروا  على  ضباط الألمان ، بل  و  أساءوا معاملتهم  و أهانوهم  خصوصا بعد الإنتصار  على الإنكليز فى  كوت الإمارة  فى  أخر ابريل  1916 ، فأنهم  كانوا يقولون للألمان  أنفسهم  ان  الفضل  فى هذا الإنتصار  للأتراك دون الألمان  ،  و  زاد  كبرهم  و  خيلائهم  و بلغ  منهم التعنت  مع الألمان  إلى انهم  كانوا  يكلفون بعض  ضباط الألمان  باعمال حربية  مستحيلة عقلا  ،  كانوا يكلفون ضابطا  بمهاجمة  مكان  بقوة  قليلة  و يعطون  كل  عسكرى  ثلاثة  خراطيش  فقط  ، و لما  يبدى الألمانى  ملاحظة  على  قلة الذخيرة  يقول  له الضابط الكبير  التركى   انكم  تخافون  الهجوم بالسلاح الأبيض و انكم  لا  تنجحون  الا  بكثرة الذخائر  و ليست  هذه  بالشجاعة الحقيقية  و يأمره بالسير  ، فيضطر الألمانى  للإطاعة  ،  وبالطبع  لا  ينجح  فى  عمله  و يعود  بالفشل  فيزيد  لوم التركى  له  .  و  قد سمعت  هذه التفصيلات  من  ضباط  كانوا  هناك  و  قصوها  على  فى  نفس  نظارة  الحربية  هنا  ،  و لما  وصلت  هذه الأخبار  الى الحكومة الألمانية  سحبوا  جنودهم  و  ضباطهم  تدريجيا  و  تركوا الأتراك يفعلون  ما يريدون  بدون  مساعدة  ، فساءت  الحالة و انكسروا  هذا الإنكسار  الشنيع  .  سألته  ماذا تنوون الأن  ؟  هل  تتركون بغداد  فى ايدى الإنكليز  مع ان استردادها فى  صالحكم  كما  هو فى  صالح الدولة  ؟  فقال: ليست النية  موجهة  الأن  الى  ارسال مدد الى العراق  بل الهمة مبذولة  كلها الى  الوجهة الغربية  ، فان تم الانتصار  هناك  امكن  استرجاع  هذه  الجهات بسهولة  و  كذلك  لو  حصل  صلح  مع  الروسيا  كان  استرجاعها اسهل   !!!

صـ 359
 أوراق  محمد فريد
المجلد الأول
 مذكراتى بعد الهجرة  ( 1904 - 1919 )     
الهيئة المصرية العامة للكتاب     
سلسلة  مركز وثائق و تاريخ مصر المعاصر 

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية